للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه بشيء عندهم، ولو كان كذلك لما تم الإسلام بكلمة الشهادة، ولما تم الإسلام بها، علمنا أن الاستثناء من النفيي إثبات.

وثالثها: قوله تعالى: {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله}، ولا يفهم أحد من هذه الآية (إلا) أن الله تعالى أخبر عن نفسه بأنه يعلم الغيب، وعلى رأي/ الحنفية يكون المعنى: أن الله تعالى لم يتعرض للإخبار عن كونه عالمًا بالغيب، بل مسكوت عن ذلك في حقه. (١٥٨/ أ)

وأجاب الحنفية عن ذلك كله بحرف واحد، وهو أن هذه الأمور كلها إنما تفهم بالقرائن، وأهل العرف يفهمون ذلك بالقرائن المحتفة بمقاصدتهم، وأما كلمة الشهادة فإن المتلفظ بها في العادة إنما يقصد الدخول في الإسلام، مع أن الوحدانية ثابتة بالضرورة، فلما كان هذا هو المقصود منها، أفادته قرائن أحوال المتكلم وحال الربوبية أيضًا وظهور جلالها وربوبيتها وصفاتها العلية.

أما علم الغيب من الآية الأخرى، فلقرينة السياق، وأن الكلام إنما سيق لإثبات العلم بالغيب لله تعالى، فلذلك فهم.

قلت: وهذه تعسفات، والظاهر أن الفهم مضاف للفظ.

احتج الحنفية بأمور:

أحدها: أن الألفاظ إنما وضعت للصور الذهنية، دون الأمور الخارجية، كما تقرر في كتب اللغات، فقولنا: قام القوم، أو: ما

<<  <  ج: ص:  >  >>