للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل كان الامام يأخذ بالقياس بجميع أنواعه، أو يفرق بين هذِه الأنواع؟

قال القاضي أبو يعلى: القياس على ضربين: واضح وخفي، فالواضح ما وجد معنى الأصل في الفرع بكماله كعلة الربا في البر، فحملنا الأرز عليه، لأن فيه معنى البر من الكيل والجنس. والإمام أحمد قد استعمل هذا القياس في رواية ابن القاسم؛ فقال: لا يجوز الحديد والرصاص متفاضلًا، قياسًا على الذهب والفضة.

أما الخفي فهو قياس غلبة الشبه، وصورته: أن يتجاذب الحادثة أصلان: حاظر ومبيح، ولكل واحد من الأصلين أوصاف خمسة، والحادثة لا تجمع أوصاف واحد منهما، غير أنها بأحد الأصلين أكثر شبها مثل: إن كانت بالإباحة أشبه بأربعة أوصاف، وبالحظر بثلاثة أوصاف ففي هذا روايتان؛ إحداهما: ليس هذا بقياس أصلًا، والقياس ما وجد في الفرع أوصاف الأصل بكمالها، فإذا وجد بعضها في الفرع، لم يكن قياسًا. نص عليه الإمام أحمد، رحمه اللَّه، في رواية أحمد بن الحسين بن حسان؛ فقال: القياس أن يقاس الشيء على الشيء إذا كان مثله في كل أحواله، فأما إذا أشبهه في حال وخالفه في حال فأردت أن تقيس عليه، فهذا خطأ. قد خالفه في بعض أحواله، ووافقه في بعض، فإذا كان مثله في كل أحواله فأقبلت به وأدبرت به، فليس في نفسي منه شيء.

والرواية الثانية: أنه قياس صحيح، وتلحق الحادثة بأكثرهما ولا يؤخر حكمهما، وقد نبه أحمد على هذا في رواية حرب، في يهودي قذف يهودية؛ يتلاعنان؟ قال: ليس لهذا وجه، لأنه ليس عدلًا، واللعان إنما هو شهادة، وليس بعدل فتجوز شهادته. كأنه لم ير بينهما اللعان، فقد قاس اللعان على الشهادة في امتناعه من الكافر مع قلة شبهه بالشهادة، وكثرة

<<  <  ج: ص:  >  >>