للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الناس، وفي الشروط في المعاملات والأنكحة يعتبرون المشروط عرفا، كالمشروط شرعا، ولذلك يجرون العرف مجرى الشرط (١).

ويكثر تطبيق العرف لدى الحنابلة في مسائل الأيمان والحنث فيها، فإن مرجعها عندهم إلى العرف (٢).

قال ابن القيم: وقد أجرى العرف مجرى النطق في أكثر من مائة موضع منها نقد البلد في المعاملات وتقديم الطعام إلى الضيف. . إلخ (٣).

وخلاصة الأمر: أن الحنابلة يعتبرون العرف، ويستخدمونه في التطبيق فيما تختلف فيه أعراف الناس وبيئتهم، ولا يعد ذلك اختلافًا في الأحكام الشرعية ولا أصل الخطاب، كما أن العرف لا يعد دليلًا مستقلًا من الأدلة الشرعية، وإنما هو قاعدة من القواعد الفقهية يظهر أثرها في مجال التطبيق فقط (٤).

هذِه هي أصول مذهب الإمام أحمد وأصحابه من بعده، وكلها ينتهي إلى السنة، وهي كيفما تنوعت، وتفرعت، تنبع من معين واحد، وهو الآثار، فهو إما أن يستقى من الآثار نصًا فإن لم يجد أثرًا يسعفه في قضيته، حاكى الأثر في طريقته، فهي مأخوذة منها بالمنهاج، كما أخذت فروع كثيرة من الآثار بالنص، وهو في كلا الأمرين متبع ينهج منهاج السلف، أو يقول مقالة السلف.

ولو استقريت الأصول أصلا أصلا لوجدت أنه ينهج المنهاج السلفي لا يعدوه ولا يسلك غير سبيله، فقد وجد السلف يقيسون الأشباه بالأشباه،


(١) "أصول الإمام أحمد" ص ٥٩٣.
(٢) "القواعد" لابن رجب ص ٢٩٥.
(٣) "إعلام الموقعين" ٢/ ٣٩٣ - ٣٩٤.
(٤) "المنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة" ص ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>