للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد الجمعة ركعتين فى بيته. ويدل عليه رواية الليث عن نافع عن ابن عمر انه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين فى بيته، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك. أخرجه مسلم (١). وأما قوله: كان يطيل الصلاة قبل الجمعة. فإن كان المراد بعد دخول الوقت، فلا يصح أن يكون مرفوعاً، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إذا زالت الشمس فيشتغل بالخطبة ثم بصلاة الجمعة. وإن كان المراد قبل دخول الوقت، فذلك نافلة لا صلاة راتبة، فلا حجة فيه لسنة الجمعة التى قبلها، بل هو تنفل مطلق، وقد ورد الترغيب فيه كما تقدم (٢).

(وقد سئل) شيخ الإسلام تقى الدين عن الصلاة بعد الأذان الأول يوم الجمعة (فأجاب) بقوله: أما النبى صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن يصلى قبل الجمعة بعد الأذان شيئاً، ولا نقل هذا عنه أحد، فإن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا يؤذن على عهده إلا غذا قعد على المنب، ويؤذن بلال، ثم يخطب النبى صلى الله عليه وسلم الخطبتين، ثم يقيم بلال، فيصلى صلى الله عليه وسلم بالناس. فما كان يمكن أن يصلى بعد الأذان لا هو ولا أحد من المسلمين الذين يصلون معه صلى الله عليه وسلم. ولا نقل عنه أحد أنه صلى فى بيته قبل الخروج يوم الجمعة، ولا وقّت بقوله صلاة مقدّرة قبل الجمعة، بل ألفاظه صلى الله عليه وسلم فيها الترغيب فى الصلاة إذا قدم الرجل المسجد يوم الجمعة من غير توقيت، كقوله: من بكر وابتكر ومشى ولم يركب وصلى ما كتب له (٣)، وهذا هو المأثور عن الصحابة، كانوا إذا أتوا المسجد يوم الجمعة يصلون من حين يدخلون ما تيسر. فمنهم من يصلى عشر ركعات. ومنهم من يصلى اثنتى عشرة ركعة. ومنهم من يصلى ثمانى ركعات.


(١) تقدم عند مسلم وغيره رقم ٢٥٣ ص ٣٠٠ (راتبة الجمعة).
(٢) ص ٢٩١ ج ٢ فتح البارى الشرح (الصلاة بعد الجمعة).
(٣) هذا بعض حديث تقدم رقم ١٤٣ ص ١٣٧ (التبكير إلى صلاة الجمعة) وليس به: وصلى ما كتب له.