للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم من يصلى أقل من ذلك. ولهذا كان جماهير الأئمة متفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة مؤقتة بوقت، مقدرة بعدد، لأن ذلك إنما يثبت بقول النبى صلى الله عليه وسلم أو فعله، وهو لم يبين فى ذلك شيئاً لا بقوله ولا فعله (وهذا) مذهب مالك والشافعى وأكثر أصحابه، وهو المشهور من مذهب أحمد.

(وذهب) طائفة من العلماء إلى أن قبلها سنة. منهم من جعلها ركعتين كما قاله طائفة من أصحاب الشافعى وأحمد. ومنهم من جعلها أربعاً كأبى حنيفة وطائفة من أصحاب أحمد. وهؤلاء منهم من يحتج بحديث ضعيف. ومنهم من يقول هى ظهر مقصورة، وتكون سنة الظهر سنتها. وهذا خطأ من وجهين:

(أحدهما) أن الجمعة مخصوصة بأحكام تفارق بها ظهر كل يوم باتفاق المسلمين، فإن الجمعة يشترط لها الوقت فلا تقضى والظهر تقضى، والجمعة يشترط لها العدد، والاستيطان، والإمام، وغير ذلك، والظهر لا يشترط لها شئ من ذلك. فلا يجوز أن تتلقى أحكام الجمعة من أحكام الظهر مع اختصاص الجمعة بأحكام تفارق بها الظهر، فإنه إذا كانت الظهر تشارك الجمعة فى حكم وتفارقها فى حكم، لم يمكن إلحاق مورد النزاع بأحدهما إلا بدليل، فليس جعل السنة من موارد الاشتراك بأولى من جعلها من موارد الافتراق.

(الوجه) الثانى: أن يقال هب أنها ظهر مقصورة، فالنبى صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلى فى سفره سنة للظهر المقصورة لا قبلها ولا بعدها، وإنما كحان يصليها إذا أتم الظهر فصلى أربعاً، فإذا كانت سنته التى قبلها فى الظهر المقصورة خلاف التامة، كان ما ذكروه حجة عليهم لا لهم، وكان السبب المقتضى لحذف بعض الفريضة أولى بحذف السنة الراتبة كما قال بعض الصحابة: لو كنت متطوعاً لأتممت الفريضة (١) فإنه لو استحب للمسافر أن


(١) هو عبد الله بن عمر، فقد قال فى حديث طويل تقدم رقم ٧٠ ص ٧٠: لو كنت مسبحاً أتممت صلاتى.