للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّمس كَسَفَتْ لموْتِ ابْنِهِ إِبراهيم لا لخطبة، ولذا قاله بعد الإِنْجِلآءِ.

(قال) الشَّيْخ إِبراهيم الحلَبى: ولا خُطْبة فيها عِنْدَنا، وبه قال مالك وأَحمد، لأَنه لم يُنْقَل عنه عليه الصلاة والسَّلام أَنه خَطَبَ خُطبتين على الهيئة المعهودة، وإِنما فَعَلَ ذلك لرَدِّهم عن قولهم: إِنَّ الشَّمْس كَسَفَتْ لموْتِ إِبراهيم ابْن رسول الله صلى الله عليه وسلم (١).

(قال) الحافظ: وتُعُقِّبِ ما ذكر بأَنَّ الأَحاديث ثبتت فى الخطبة وهى كَثِيرة. والمشْهُور عند المالِكِيَّة أَنه لا خُطْبة لها، مَعَ أَنَّ مَالِكاً رَوَى الحديث وفيه ذكر الخطبة، ولم يقتصر صلى الله عليه وسلم فيها على الإِعلام بسبب الكُسُوف، والأَصل مشْرُوعِيَّة الاتباع والخصائص لا تثبت إِلاَّ بدَلِيل. وقد استضعفت ابن دقيق العيد التأْوِيل المذكُور (أى تأْويل مَنْ لمْ يَقُلْ بالخطبة) وقال إِن الخطبة لا تنحصر مَقَاصِدها فى شَىْءٍ مُعَيَّن بعد الإِتيان بما هُوَ المطلوب منها مِنَ الحمدِ والثَّنَاءِ والموْعِظَة. وما ذكر من سبب الكُسُوف وغيره هو من مَقَاصِد خُطْبة الكُسوف. فينبغى التَأَسِّى بالنبىِّ صلى الله عليه وسلم. فيذكر الإِمام ذلك فى خُطْبة الكُسُوف. نَعَم نازَع ابن قدامة فى كون خطبة الكُسُوف كخطبتى الجمعة والعِيدَيْن، إِذ ليس فى الأَحاديث المذكُورة ما يَقْتَضِى ذلك، وإِلى ذلك نَحَا ابن المنير ورَدّ عى مَنْ أَنْكَرَ أَصْل الخطبة الثبوت ذلك صريحاً فى الأَحاديث (٢).


(١) ص ٤٢٦ غنية المتملى (صلاة الكسوف).
(٢) ص ٣٦٣ ج ٢ فتح البارى. الشرح (الخطبة الإمام فى الكسوف).