للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشر كالمعاصي والكفر. وهو زعم باطل. إذ لو كان العبد يخلق الشر والمخالفات وهي أكثر وقوعا من الطاعات لكان أكثر ما يجري في الوجود من أفعال العباد لا يكون بخلق الله وإيجاده، بل بخلقهم وإيجادهم وذلك جلى البطلان، لأن الله تعالى هو المنفرد بالخلق والتأثير على وفق علمه. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدهم. أخرجه أبو داود والحاكم من حديث أبي حازم عن عمر. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين أن صح سماع أبي حازم عن ابن عمر (١) {١٤٧}.

(وشبههم) صلى الله عليه وسلم بالمجوس حيث فرقوا بين أفعال الله عز وجل فجعلوا بعضها له وبعضها لغيره (قال) الخاطبي: إنما جعلهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم مجوسا، لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس في قولهم بالأصلين النور والظلمة. يزعمون أن الخير من فعل النور والشر من فعل الظلمة، فصاروا ثنوية.

(وكذلك) القدرية يضيفون الخير إلى الله تعالى والشر إلى غيره. والله خالق الخير والشر جميعا، لا يكون شيء منهما إلا بمشيئته فهما مضافان إليه خلقا وإيجادا، وإلى الفاعلين لهما من عباده فعلا واكتسابا (وفيها) رد أيضا على المعتزلة الذين زعموا أن الله تعالى شاء الإيمان من الكافر فشاء الكافر الكفر. وهو زعم باطل فإنه يلزمه وقوع مشيئة الكافر دون مشيئة الله عز وجل. وهذا من أقبح الاعتقاد، إذ هو مخالف للأدلة القطعية وفيه تعطيل لإرادة الله تعالى،


(١) انظر ص ٢٢٢ ج ٤ سنن أبي داود (في القدر) ولم يسمع أبون حازم من أبن عمر فالحديث منقطع.