للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= (وفي) أثناء الكتابة أتى أبو جندل بن سهيل يرسف في قيوده. فرده صلى الله عليه وعلى آله وسلم الى ابيه وقال له: اصبر واحتسب فإن الله جاعلاً لك ولمن معك فرجاً ومخرجاً (فقال) أبو جندل: يا معشر المسلمين، أرد وقد جئت مسلماً، ألا ترون ما لقيت! (فقال) عمر: يا رسول الله، ألست نبي الله حقاً؟ قال: بلى. قال: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قال: فلم نعطي الدنية في ديننا؟ قال: إني رسول الله ولست أعصيه. قال: أو ليس كنت تحدثنا انا سناتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى. أفأخبرتك أنا ناتيه العام؟ قال: لا. قال: فإنك آتيه ومطوف به (وسأل) عمر أبا بكر أيضاً، فأجبه بمثل ما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم.
(ولما) ختم كتاب الصلح وشهد عليه رجال من الفريقين، قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لأصحابه، قوموا فانحروا ثم احلقوا. فما قام منهم احد حتى قال ذلك ثلاثاً. فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس وقال: أمرتهم فلم يأتمروا. فقالت له: يا نبي الله، أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنحر ودعا حالقه. فلما رأوا ذلك قاموا ونحروا وحلقوا لبعضهم حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً من التزاحم، ثم جاءت نسوة مؤمنات، فأنزل الله عز وجل: "يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن (أي فاختبروهن بما يغلب على ظنكم به صدق إيمانهن، بأن يحلفن أنهن ما خرجن من بلاد الكفر الا رغبة في الاسلام، لا يغضاً لازواجهن الكفار، ولا عشقا لرجال مسلمين) الله اعلم بايمانهن فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن الى الكفار" حتى بلغ ولا "تمسكوا بعصم (جمع عصمة) الكوافر" (أي بما يعتصم به الكافرات من عقد سابق، والمراد نهي المؤمنين عن البقاء على نكاح المشركات). ولذا طلق عمر رضي الله عنه امراتين كانتا تحته مشركتين، تزوج احداهما معاوية بن ابي سفيان، والاخرى صفوان بن امية.
(خفي) سر هذا الصلح على المسلمين وكبر عليهم، وتكلم فيه بعضهم. واهتدى صلى الله عليه وسلم لهذا الصلح. وعلم من ربه أنه سبب لأمن الناس وظهور الاسلام وأن فيه الفرج القريب.
(عظم) عليهم صد المسلمين عن الطواف بالبيت مع أنه صلى الله عليه وسلم أخبرهم أنه رأى أنهم دخلوا البيت آمنين (وأعجب) منه رد من جاءنا مسلماً ولا يردون من ذهب اليهم مرتداً.
(خفي) عليهم سر ذلك ولم يدركوا أن رد المسلم سبب لانتشار الدين بين العرب، لأن قلبه مطمئن بالايمان.
(ثم) رجع صلى الله عليه وسلم الى المدينة ومعه عثمان فجاءه ابو بصير الثقفي او القرشي، مسلماً فأرسلوا في طلبه رجلين فدفعه اليهما. ولما بلغا ذا الحليفة عدا على احدهما فقتله، وفر الاخر الى المدينة. ثم جاء ابو بصير فقال: يا رسول الله، قد أوفى الله ذمتك، رددتني ثم أنجاني الله. فقال له: اذهب ولا تقم بالمدينة. فذهب الى ساحل البحر الاحمر فلحق به أبو جندل واجتمع معهما جمع ممن فر من مكة مسلماً. وقطعوا الطريق على تجارة قريش =