للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد". (وقيل) يقرأ في الأولى: "وربك يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة، سبحان الله وتعالى عما يشركون، وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون" (١).

وفي الثانية: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم. ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً" (٢)


(١) سورة القصص، الآيتان ٦٨ و ٦٩. وسبب نزولها أن كفار مكة استبعدوا نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: " لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم": ٣١ الزخرف - (يريدون الوليد بن المغيرة بمكة، وعروة بن مسعود الثقفي بالطائف. وقد أسلم هذا وحسن إسلامه) فنزل قول الله تعالى: "وربك يخلق ما يشاء ويختار" أي أنه هو المنفرد بالخلق والاختيار، وأن الأمور كلها، خيرها وشرها، منه وإليه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن "ما كان لهم الخيرة" بفتح الياء وإسكانها، أي ما كان للخلق جميعاً الاختيار في شيء ما، بل الخيرة لله تعالى (ففي) (الحديث القدسي: يا عبدي، أنت تريد وأنا أريد، ولا يكون إلا ما أريد. فإن سلمت لي ما أريد، أعطيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي ما أريد، أتعبتك فيما تريد، ولا يكون إلا ما أريد) [٣٢٨] ذكره العلامة الصاوي في حاشيته على تفسير الجلالين ص ٢٢٤ ج ٣ (سورة القصص)

قال الزجاج: الوقف على "يوختار" تام، وما نافية، وهو الصحيح عن ابن عباس وغيره، فإن الآية سيقت لبيان انفراده تعالى بالخلق والاختيار، ولذا قال: "سبحان الله" أي تنزه عن أن ينازعه منازع أو يشاركه مشارك "وتعالى عما يشركون" أي تعاظمت ذاته تعالى عن إشراكهم أو عن مشابهة ما جعلوهم شركاء له من الأصنام والأنداد، فإنها لا تخلق ولا تختار شيئاً "وربك يعلم ما تكن صدورهم" أي تخفيه من الشرك وغيره "وما يعلنون" أي يظهرونه من ذلك، فهو يعلم ما تكنه الضمائر وما تنطوي عليه السرائر، كما يعلم ما تبديه الظواهر، قال الله تعالى: "سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار" سورة الرعد، الآية ١٠.
(٢) سورة الأحزاب، الآية ٣٦، وسبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب لمولاه زيد بن حارثة، فأبت وأبي أخوها عبد الله بن جحش. فنزل: "وما كان لمؤمن" كعبد الله بن جحش "ولا مؤمنة" كزينب "إذا قضى الله ورسوله أمراً" من الأمور، كنكاح زينب لزيد وغيره مما ترضاه نفوسهم أو تأباه "أن يكون لهم الخيرة" أي الاختيار "من أمرهم" فإن أمر الله هو المتبع وقضاه رسوله هو الحق. فعلى العقلاء أن يجعلوا آراءهم تبعاً لرأيه واختياره صلى الله عليه وسلم، ولا يترددوا =