للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: " إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم " (الحديث) أخرجه الشيخان (١). {٥٦}

... (وأجاب) الأولون: (أولا) عن أحاديث الصلاة على الشهيد بأن المراد بالصلاة فيها الدعاء (ويرده) قوله في حديث عقبة: صلاته على الميت.

(وثانيا) بأن هذا خاص بشهداء أحد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليهم بعد ثمان سنين (ورد) بأن هذا لا يدل على الخصوصية لأن الحنفيين يقولون بمشروعية الصلاة على قبر من دفن بلا صلاة ما لم يظن تفسخه ومعلوم أن الشهداء لا يبلون، فالصلاة عليهم يقول بها الحنفيون.

... فالراجح القول بوجوب الصلاة على الشهيد، لأن أحاديث الصلاة قد شد من عضدها كونها مثبتة والإثبات مقدم على النفي. ومن مرجحات الإثبات هنا أنه لم يرو النفي إلا أنس وجابر (٢)، وهما قد رويا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة (٣)، فقد وافقا غيرهما في مشروعية الصلاة على الشهيد في تلك الواقعة. ويبعد كل البعد أن يخص النبي صلى الله عليه وسلم بصلاته حمزة لمزية القرابة ويدع بقية الشهداء.


(١) انظر ص ٣٦ ج ٣ فتح الباري (الصلاة على الشهيد) وص ٥٧ ج ١٥ نووي (حوض نبينا صلى الله عليه وسلم- الفضائل) و (الفرط) بفتحتين السابق. و (الحديث) تمامه: وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض- أو مفاتيح الأرض- وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها.
(٢) حديث أنس في عدم الصلاة على الشهيد هو ما حدث أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم. أخرجه أو داود والبيهقي والترمذي وقال حسن غريب (أنظر ص ٢٩٠ ج ٨ - المنهل العذب المورود) وص ١٠ ج ٤ بيهقي (وحديث) جابر تقدم رقم ٥٢ و ٥٣ انظر ص ٥٤.
(٣) حديث جابر في الصلاة على الشهيد تقدم رقم ٥٦ و (حديث) أنس هو ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بحمزة وقد مثل به. ولم يصل على أحد من الشهداء غيره. أخرجه أبو داود (أنظر ص ٢٩٧ ج ٨ - المنهل العذب المورد) وأخرجه البيهقي مطولا وقال: هذه اللفظة "ولم يصل على أحد من الشهداء غيره" ليست محفوظة (أنظر ص ١١ ج ٤ بيهقي).