للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التأخير لا يجوز وهو نص على الفور. وذكر الجصاص أنها على التراخي لأنه إذا هلك النصاب بعد تمام الحول والتمكن من الأداء لا يضمن، ولو كانت واجبة على الفور لضمن كمن أخر صوم شهر رمضان عن وقته فإنه يجب عليه القضاء. ومعنى التراخي أنها تجب مطلقا بلا تعيين وقت، فمتى أدى في وقت ما جاز، وإذا لم يؤد إلى آخر عمره يتضيق عليه الوجوب (١).

والدليل يشهد للفورية، وعليه فإذا وجبت الزكاة وتمكن من إخراجها لم يجز تأخيرها لأنه حق يجب صرفه إلى الآدمي فلم يجز فيه التأخير كالوديعة إذا طلبها صاحبها، فإن أخر الزكاة وهو قادر على أدائها ضمنها لأنه أخر ما يجب عليه مع إمكان الأداء فيضمنه كالوديعة وإن لم يتمكن فله التأخير إلى التمكن فإن أخر بعد التمكن عصى وصار ضامنا، فلو تلف المال كله بعد ذلك لزمته الزكاة، وإن تلف المال بعد الحول وقبل التمكن فلا إثم ولا ضمان عليه اتفاقا، وإن أتلفه المالك لزمه الضمان، وإن أتلفه أجنبي فعلى القول بأن التمكن شرط في الوجوب فلا زكاة، وكذا على أنها تتعلق بالعين فينتقل حق الفقراء إلى القيمة (٢).

(١١) قضاء الزكاة:

من وجبت عليه الزكاة وتمكن من أدائها ثم مات لم تسقط عند الشافعي وأحمد والحسن البصري، فيجب إخراجها من ماله (لحديث) فدين الله أحق أن يقضي (٣) (وقال) الليث والأوزاعي: تخرج من ثلث ماله قبل الوصايا (وقال) الحنفيون ومالك والشعبي والنخعي وسفيان الثوري: إن أوصى بها أخرجت من ثلث ماله كسائر الوصايا، وإن لم يوص لم يلزم الورثة إخراجها، وإن أخرجها وارث أو أجنبي لا يسقط الواجب لعدم نيته، وفعلهم لا يقوم


(١) انظر ص ٣ ج ٢ بدائع الصنائع.
(٢) انظر ص ٣٣٣ ج ٥ مجموع النووي.
(٣) تقدم رقم ٢٨ ص ١٣١.