للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما أنا بآخذ ما لم أومر به، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم منك قريب فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت على فأفعل فإن قبله منك قبلته وإن رده عليك رددته. قال: فإني فاعل، فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض علي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي وأيم الله ما قام في مالي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رسوله قط قبله فجمعت له مالي، فزعم أن ما علي فيه ابنة مخاض وذلك ما لا لبن فيه ولا ظهر، وقد عرضت عليه ناقة عظيمة فتية ليأخذها، فأبى علي، وها هي ذه قد جئتك بها يا رسول الله خذها. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك الذي عليك فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك. قال: فها هي ذه يا رسول الله قد جئتك بها فخذها. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبضها، ودعا له في ماله بالبركة. أخرجه أحمد والحاكم وصححه والبيهقي وأبو داود، وهذا لفظه، وفيه محمد بن إسحاق مدلس لكنه صرح هنا بالتحديث (١). {٥٠}

(دل) الحديث على أن الكريم من المال لا يؤخذ لحق رب المال إلا إن تطوع به، وإذا ثبت هذا وأنه لا يؤخذ الردئ لحق الفقراء، ثبت أن الحق في الوسط من المال، فإذا جاء الساعي قسم الماشية أثلاثا: ثلث خيار، وثلث أوساط، وثلث ردئ، وأخذ من الوسط (٢).

(ومما يدل) على هذا حديث عبد الله بن معاوية الغاضري- من غاضرة قيس- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان: من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله


(١) انظر ص ٢٢٦ ج ٨ - الفتح الرباني (اجتناب كرائم أموال الناس في الزكاة) وص ٩٦ ج ٤ بيهقي (ما يأخذ الساعي فوق ما يجب) وص ١٨٢ ج ٩ - المنهل العذب المورود (وفيه) أي في المال. وفي رواية أحمد: فيها. أنث الضمير باعتبار الإبل (ولا لبن فيه) إلخ، يعني أن بنت المخاض لا منفعة فيها بلبن ولا ركوب لصغرها.
(٢) انظر ص ٤٧٦ ج ٢ مغنى أبن قدامة.