للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: "فإن قلنا: لا يحط عن المائة، فللمشتري الخيار قطعاً، إلا أن يكون التفاوت من جهة العيب، وكان قد علم طريان العيب، فيكون راضياً مع ذلك بما اشترى" (١). هذا فيه نظر - والله أعلم -؛ لأن هذا تفريع على الخلاف في الحطِّ، وعدم الحطِّ، فأي معنى لهذا الاستثناء، مع أن ذلك ليس من محل الخلاف في الحطِّ، ولا يخفى إشكال هذا عند (٢) التأمل.

قوله: "هذا إذا تبين (٣) خطؤه بتذكِّر المشتري أمراً مشاهداً، أو بقوله: أخطأت إقراراً على نفسه، أو بقيام بينة على مقدار ما اشترى به" (٤). هذا يوهم أن الخطأ قد يتبين بمجرد (٥) تذكر المشتري ما شاهده من غير إقرارٍ من البائع على نفسه أو قيام بيِّنة، وليس كذلك قطعاً.

فمراده إذاً أنه يأمن المشتري الخيانة مرة ثانية، بأن يتذكر هو بنفسه أنه كان قد شاهد البائع وقت الشراء الأول، وعرف مقدار الثمن، ثم نسيه، ثم تذكَّر وثبت ذلك له على البائع ببِّينة، أو إقرار من البائع، وإن لم يقل: أخطأت، بل لو قال: تعمَّدت الكذب فهو كذلك أيضاً؛ لأنه أمن من الخيانة، وكذلك يأمن بأن يقرَّ البائع على نفسه، ويقول: أخطأت، وما تعمَّدت؛ لأنه يشعر بثقته وأمانته، وكذلك إذا قامت البينة، والله أعلم.


(١) الوسيط ٢/ ق ٣٨/ ب.
(٢) ساقط من (د).
(٣) في (د): زيادة (لم) والصواب حذفها.
(٤) الوسيط ٢/ ق ٣٨/ ب، ولفظه قبله: "فإذا همَّ بالفسخ فقال البائع: لا تفسخ، فإني أحط لأجلك، فهل يبطل خياره؟ فيه وجهان: ووجه بقاء الخيار أنه ربما يكون له غرض في الشراء بالمائة كما سبق، هذا إذا تبَّين ... إلخ".
(٥) نهاية ٢/ ق ٥٨/ أ.