للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ثوبه أو جسده كثير بطلت صلاته باتفاق. والرابع أن لا يتكلم جاهلا أو متعمدا؛ لأنه إن تكلم جاهلا أو متعمدا بطلت صلاته باتفاق. وشرطان مختلف فيهما: أحدهما أن لا يتكلم ناسيا لأنه قد اختلف إن تكلم ناسيا فقال ابن حبيب لا يبني لأن السنة إنما جاءت في بناء الراعف ما لم يتكلم ولم يخص في ذلك ناسيا من متعمد وحكى ابن سحنون عن أبيه أنه يبني على صلاته ويسجد لسهوه إلا أن يكون الإمام لم يفرغ بعد من صلاته فإنه يحمله عنه. والثاني أن لا يطأ على قشب يابس لأنه قد اختلف إن وطئ على قشب يابس، فقال ابن سحنون تنتقض صلاته، وقال ابن عبدوس لا تنتقض صلاته. وأما مشيه في الطريق لغسل الدم وبها أرواث الدواب وأبوالها فلا تنتقض بذلك صلاته لأنه مضطر إلى المشي في الطريق لغسل الدم كما يضطر إلى الصلاة فيها، وليس بمضطر إلى المشي على القشب اليابس قاله ابن حارث.

[فصل]

وليس البناء في الرعاف بواجب وإنما هو من قبيل الجائز. وقد اختلف في المختار المستحب من ذلك، فاختار ابن القاسم القطع بسلام أو كلام على القياس. قال فإن ابتدأ ولم يتكلم أعاد الصلاة، واختار مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - البناء على الأتباع للسلف وإن خالف ذلك القياس والنظر، وهذا على أصله [أن العمل أقوى من القياس؛ لأن العمل المتصل لا يكون أصله] إلا عن توقيف. وقد ذكر ابن حبيب ما دل على وجوب البناء وهو قوله إن الإمام إذا رعف فاستخلف بالكلام جاهلا أو متعمدا بطلت صلاته وصلاتهم، فجعل قطعه صلاته بالكلام بعد الرعاف يبطل صلاتهم كما لو تكلم جاهلا أو متعمدا بغير رعاف. والصواب ما في المدونة أن صلاتهم لا تبطل؛ لأنه إذا رعف فالقطع له جائز في قول ومستحب في قول، فكيف تبطل صلاة القوم بفعله ما يجوز له أو ما يستحب له؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>