للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن الهبة تعتصر وأن الصدقة لا تعتصر.

والثاني: أن الهبة يصح الرجوع فيها بالبيع والهبة، والصدقة لا يجوز الرجوع فيها ببيع ولا هبة إلا أن تكون الصدقة على الابن، فعن مالك في ذلك ثلاث روايات:

إحداها: أن الرجوع فيها لا يجوز إلا من ضرورة، مثل أن تكون أمة فتتبعها نفسه، أو يحتاج فيأخذ لحاجته وهو ظاهر ما في المدونة.

والثانية: أن الرجوع فيها بالبيع والهبة يجوز وإن لم تكن ضرورة، ولا يكون له الاعتصار - وهو قول مالك في كتاب ابن المواز واختيار محمد.

والثالثة: أن الرجوع فيها بالبيع والهبة يجوز وأن الاعتصار يكون له - وهو قول مالك في سماع عيسى من كتاب الصدقات؛ لأنه أجاز أن يأكل مما تصدق به على ابنه الصغير، وذلك لا يكون إلا على معنى الاعتصار؛ لأن الصغير لا يصح منه إذن، وهو ظاهر ما في سماع ابن القاسم أيضا، إذ لم يفرق في الرواية بين صغير ولا كبير.

فصل

في القول في الحبس

وأما الحبس فاختلف أهل العلم في جوازه: فذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه وأكثر أهل العلم إلى إجازة الحبس ومنع منه أبو حنيفة وأصحابه، واستدلوا على ذلك بقوله - تعالى -: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [المائدة: ١٠٣]، وبقوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا} [الأنعام: ١٣٦]- إلى قوله: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الأنعام: ١٣٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>