للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث عبد الله بن يزيد، فإنه في صدقة تمليك غير وقف، بدليل قوله عادت إليك ميراثا؛ وعند المخالف أن الوقف يورث عن الواقف، لا عن الموقوف عليه؛ على أن في قوله عادت إليك دليلا على خروجها عن ملكه بالوقف - وهم لا يقولون بذلك؛ وأما قولهم: لأنه إخراج ملك لا إلى ملك كقوله أخرجت هذه الدار عن ملكي، فغير صحيح، لأن الوصف غير موجود في الأصل، لأن قوله أخرجت هذه الدار عن ملكي، ليس بإخراج، وينتقض ذلك بالعتق، فإنه إخراج عن الملك إلى غير ملك - وهو لازم وكذلك قياسهم على العارية ينتقض بالعتق وبناء المسجد ووقفه.

[فصل]

فالصحيح ما ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجل أهل العلم من إجازة الحبس، وقد حبس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي، وطلحة والزبير، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، وعمرو بن العاص - دورا، وحوائط، «واستشار عمر بن الخطاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صدقته، فقال: يا رسول الله، إني أصبت مالا لم أصب أعجب إلي منه، وأريد أن أتصدق به؛ فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حبس الأصل وسبل الثمرة، فكتب: هذا ما تصدق به عمر بن الخطاب صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث - على الفقراء، وذوي القربى، وفي سبيل الله، وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف». وروي عن مالك أنه قال: جعل عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صدقة للسائل والمحروم، وكتب عبد الله بن عمر بعده في صدقته للسائل والفقير، فبينها عبد الله بن عمر.

[فصل]

فالأحباس سنة قائمة عمل بها النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - والمسلمون من بعده، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>