للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

فبيع العرايا بخرصها إلى الجداد مستثناة من المزابنة وسائر وجوه الربى بالرخصة، لوجهين:

أحدهما نفي الضرر الداخل على المعري ببقاء يد المعرى على عريته، وذلك أن الناس كانوا يتواسون فيما بينهم فيطعم من له نخل لمن لا نخل له - النخلة والنخلات من نخله، فكان يشق على المعري دخول المعرى عليه لجمع عريته والقيام عليها؛ لامتناعه بذلك من الانفراد في حائطه بأهله وولده - على ما جرت به عادتهم؛ فيؤدي ذلك من المشقة عليه إلى ما يمنع من الإعراء في عام آخر.

والوجه الثاني القصد إلى المعروف والرفق دون المكايسة وذلك أن المعرى إذا احتاج إلى حفظ عريته وجمع سواقطها والقيام عليها، لزمه من المشقة في ذلك أكثر من قدر قيمتها، فيؤدي ذلك إلى أن لا ينتفع بعريته فاحتاج المعرى إلى من يكفيه مؤونته عريته، كما احتاج المعري إلى الانفراد في حائطه، فرخص رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهذا المعنى أن يخرص على المعري عريته التي أعراها ويكون عليه خرصها ثمرا عند الجداد إذا تراضيا بذلك واتفقا عليه.

[فصل]

فبيع العرية بخرصها من معريها، ليس ببيع على الحقيقة؛ وإنما هو معروف اتبعه معروفه الأول ونفى به الضرر على نفسه بأن التزم له عريته بخرصها إلى الجداد، كما تخرص عليه الزكاة التي تجب لأهل الزكاة، لما يلحقه من الضرر بمشاركتهم له في الحائط ويجري قياس جواز أخذ العرية بخرصها على خرص الزكاة بأن نقول إن هذا معنى حد الشرع بخمسة أوسق، فجاز أن تخرص ثمرته على أن يعطي مكيلة خرصه تمرا عند الجداد، أصل ذلك الزكاة؛ وإنما سماه

<<  <  ج: ص:  >  >>