للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن شاءوا أن يقتصوا فذلك لهم إلا أن يقتل بعد أن يأخذوا الدية فقد قيل إن الوالي يقتله ولا يجوز لأولياء المقتول العفو عنه تأويلا على قول الله عز وجل: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: ١٧٨] وقد شد هذا التأويل ما روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا أعافي رجلا قتل بعد أخذ الدية»، وقع في تفسير ابن سلام.

[فصل]

واختلفوا إن أرادوا أن يعفوا عن الدية هل يلزم ذلك القاتل أم لا على قولين:

أحدهما: أن ذلك لا يلزمه، وهو مذهب ابن القاسم والمعلوم من قول مالك.

والثاني: أن ذلك يلزمه وهو قول أشهب. والأصل في الاختلاف مبني على الاختلاف في تأويل قول الله عز وجل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ١٧٨]. فالذي ذهب إليه المحققون وتأولوه على مذهب مالك أن العافي هو القاتل. ومعنى الكلام من أعطي من أخيه القاتل شيئا من العقل فرضي به فليتبعه بمعروف وليؤد إليه بإحسان {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٧٨] يعني مما كان كتب على من قبلكم لأن فيما كان قبل لم تكن دية وإنما كان الواجب القصاص.

[فصل]

وما روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين بين أن يقتل أو يعفو أو يأخذ الدية» معناه إن بذلت له وطاع بها القاتل على هذا التأويل. ومن أهل العلم من حمل الحديث على ظاهره فقال: إن لولي المقتول أن

<<  <  ج: ص:  >  >>