للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزهد عن معناه وإنما أخطؤوا في تسميته، فسماه بعضهم باسم الزاهد، وبعضهم باسم المعين على الزهد، وبعضهم باسم المعنى الذي يورثه الزهد، وبعضهم باسم بعض الزهد، لأن كل واحد منهم يقع المزيد بما سماه لترغيبه إياه فيه.

[فصل]

فالزهد نافلة مستحبة لا فريضة يستوجب الزاهد بها رضى الله تعالى ورفيع الدرجات في جنة المأوى، وإن كانت الواجبات كلها لا تكون إلا بالزهد فلا يسمى شيء منها زاهدا إذ قد اختصت من الأسماء بما هو أليق بها من الزهد. ألا ترى أن الإيمان لا يكون إلا بالزهد في كل معبود سواه، والصلاة لا تكون إلا بالزهد في الاشتغال بما يصد عنها ويمنع منها، وكذلك سائر الفرائض والطاعات.

[فصل]

فالزهد وما يتعلق به من المعاني مختلفة الوجوه، وهي ستة أشياء: الزهد، والزاهد، والمزهود فيه، والمزهد في الدنيا، والمزهود من أجله الباعث على الزهد الذي عنه يكون الزهد، والمزهود له.

فأما الزهد في الدنيا فهو الاستصغار بجملتها والاحتقار لجميع شأنها لتصغير الله تعالى لها وتحقيره إياها وتحذيره من غرورها في غير ما آية من كتابه، من ذلك قوله: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} [النساء: ٧٧] وقوله: {فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: ٣٣] وقوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ} [يونس: ٢٤] إلى قوله: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: ٢٥]؛ لأنه إذا كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>