للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ} [الدخان: ٢٩]. وتقديم وتأخير كقوله: {أَخْرَجَ الْمَرْعَى} [الأعلى: ٤] {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} [الأعلى: ٥]، وإنما تقدير الكلام وحقيقته أخرج المرعى أحوى فجعله غثاء. واستعارة كقوله: {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} [البقرة: ٩٣] والإيمان لا يأمر في الحقيقة، وكقوله: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥]، والصلاة لا تنهى في الحقيقة، وكقوله: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} [الكهف: ٧٧] والموات لا تصح منه الإرادة، وكقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: ٢٤] والذل لا جناح له في الحقيقة، وهو في القرآن كثير أكثر من أن يحصى عددا. وقد ذكر ابن خويز منداد من أصحابنا أن القرآن لا مجاز فيه. وحجته أن القرآن حق، ومحال أن يكون حقا ما ليس بحقيقة. وهو خطأ واضح؛ لأن الحق ليس من الحقيقة بسبيل؛ لأن الحق ضد الباطل، والحقيقة ضد المجاز. وقد يؤتى بحقيقة اللفظ ويكون الكلام باطلا ويؤتى بالمجاز فيه ويكون الكلام حقا نحو لو رأيت رجلا قد قاتل فأبلى بلاء عظيما فقلت رأيت اليوم أسدا قاتل فأبلى بلاء عظيما كنت قد قلت الحق ولم تأت بالحقيقة في اللفظ إذ عبرت عن الرجل بالأسد وليس بأسد على الحقيقة. ولو قلت قاتل فلان اليوم قتالا شديدا وهو لم يفعل لكنت قد قلت الباطل وأتيت بحقيقة اللفظ دون تجوز فيه.

[فصل]

والحقيقة تنقسم على قسمين: مفصل ومجمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>