للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما دين التجارة فلا اختلاف في أن حكمه حكم عروض التجارة يقومه المدير ويزكيه غير المدير إذا قبضه زكاة واحدة لما مضى من الأعوام، كما يقوم المدير عروض التجارة. ولا يزكيها غير المدير حتى يبيع فيزكيها زكاة واحدة لما مضى من الأعوام. وإذا قبض من الدين أقل من نصاب أو باع من العروض بعد أن حال عليه الحول بأقل من نصاب فلا زكاة عليه حتى يقبض تمام النصاب أو يبيع بتمامه. فإذا كمل عنده تمام النصاب زكى جميعه، كان ما قبض أولا قائما بيده أو كان قد أنفقه. واختلف إن كان تلف من غير سببه، فقال محمد بن المواز لا ضمان عليه فيه لأنه بمنزلة مال تلف بعد حلول الحول عليه من غير تفريط. فعلى قياس قول مالك في هذه المسألة التي نظرها بها تسقط عنه زكاة باقي الدين إن لم يكن فيه نصاب. وعلى قول محمد بن الجهم فيها يزكي الباقي إذا قبضه وإن كان أقل من نصاب، وهو الأظهر، لأن المساكين تنزلوا معه بمنزلة الشركاء، فكانت المصيبة فيما تلف منه ومنهم، وكان ما بقي بينه وبينهم قل أو كثر. وقال ابن القاسم وأشهب يزكي الجميع. وهذا الاختلاف إنما يكون إذا تلف بعد أن مضى من المدة ما لو كان ما تجب فيه الزكاة لضمنه. وأما إن تلف بفور قبضه فلا اختلاف في أنه لا يضمن ما دون النصاب، كما لا يضمن النصاب. وقول ابن المواز أظهر، لأن مادون النصاب لا زكاة عليه فيه فوجب أن لا يضمنه في البعد كما لا يضمنه في القرب. ووجه ما ذهب إليه ابن القاسم وأشهب من أنه يضمن ما تلف بغير سببه في البعد مراعاة لقول من يوجب الزكاة في الدين وإن لم يقبض، فهو استحسان.

[فصل]

وإذا تخلل الاقتضاء فوائد وكان كلما اقتضى من الدين شيئا أنفقه، وكلما حال الحول على فائدة أفادها أنفقها، فمذهب أشهب في ذلك أن يضيف كل ما اقتضى من الدين وكل ما حال عليه الحول من الفوائد إلى ما كان اقتضى قبله من الدين وأنفقه وإلى ما كان حال عليه الحول من الفوائد قبله فأنفقه. وأما ابن القاسم فمذهبه أن يضيف الدين إلى ما أنفقه من الدين وإلى ما أنفقه من الفوائد بعد حلول الحول عليها، ولا يضيف الفائدة التي حال الحول عليها إلى ما أنفقه من الدين بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>