للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحتمل التأويل كنحو ما عرف بالاستنباط وحمل عليه التأثير كالشدة المطربة في الخمر، فإنه لما وجد التحريم بوجودها وزال بزوالها دل على أنها هي العلة، ولا يقطع على ذلك؛ لأن أبا حنيفة يقول إنما حرمت لاسمها. وهو محتمل؛ لأن الاسم يوجد بوجود الشدة ويزول بزوالها. وكنحو علة الربا التي اختلف فيها الفقهاء وفي أوصافها وشروطها، فذهب كثير من المالكيين إلى أنها كون الجنس الواحد مطعوما مدخرا مقتاتا أو مصلحا للقوت. وزاد بعضهم في صفات العلة أصلا للمعاش غالبا. وذهب كثير من الشافعيين إلى أن الطعم بانفراده هو العلة حتى حرم التفاضل في السقمونيا والطين الأرميني. وذهب الحنفيون إلى أن العلة فيه الكيل والوزن. فكل واحد من هؤلاء الفقهاء يغلب على ظنه ترجيح علته على علة صاحبه، وما منهم أحد يعلم أنها العلة ولا يدعي أن له عليها نصا من الكتاب أو السنة أو ما يقوم مقام النص من التنبيه. وإنما الدليل عليها عنده غلبة ظنه على صحتها فهي مظنونة والحكم بها إذا غلب على الظن صحتها معلوم مقطوع على وجوبه. وهذا النوع من القياس هو القياس الخفي. وكذلك العلة المنصوص عليها مظنونة أيضا إذا جاء النص عليها في السنة من طريق الآحاد والحكم بها معلوم. مثال هذا الذي ذكرناه وبيناه شهادة الشاهدين لا يقطع على عدالتهما وإنما يقال إنهما عدلان لغالب الظن. فإذا غلب على ظن الحاكم عدالة الشاهدين كان الحكم عند غلبة ظنه بذلك معلوما مقطوعا عليه.

[فصل]

فكل قايس حامل لأحد المعلومين على الآخر بالمعنى الجامع بينهما. وقالوا إنه على ثلاثة أضرب: قياس العلة، وقياس الدلالة، وقياس الشبهة. فقياس العلة نحو قياس الأرز على البر، وقياس النبيذ على الخمر، وقياس الأكل في رمضان

<<  <  ج: ص:  >  >>