للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النار يوم القيامة.» وحدث شفي بهذا الحديث معاوية فقال: قد فعل بهؤلاء هذا فكيف بمن بقي من الناس فبكى حتى ظننا أنه هالك، ثم أفاق فمسح على وجهه وقال صدق الله ورسوله {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ - أُولَئِكَ الَّذِينَ} [هود: ١٥ - ١٦] الآية وروي عن مجاهد أنه قال في قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: ١٠] إنه الرياء.

[فصل]

وهذا الوعيد والله أعلم إنما هو لمن كان أصل عمله الرياء والسمعة فأما من كان أصل عمله لله تعالى وعلى ذلك عقد نيته فلا تضره إن شاء الله الخطرات التي تقع بالقلب ولا تملكه. وقد سئل مالك وربيعة عن الرجل يحب أن يلقى في طريق المسجد ويكره أن يلقى في طريق السوء فأما ربيعة فكره ذلك وأما مالك فقال إذا كان أول ذلك وأصله لله تعالى فلا بأس بذلك إن شاء الله تعالى قال الله عز وجل: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} [طه: ٣٩]، وقال: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} [الشعراء: ٨٤]؛ وقال عمر بن الخطاب لابنه: لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا إذ أخبره بما كان وقع في نفسه من أن الشجرة التي مثلها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالرجل المسلم وسأل أصحابه عنها فوقعوا في شجر البوادي هي النخلة. قال: فأي شيء هذا إلا هذا فإنما هذا أمر يكون في القلب لا يملك، فهذا إنما يكون من الشيطان ليمنعه من العمل، فمن وجد ذلك فلا يكسل عن التمادي في فعل الخير ولا يؤيسه من الأجر، وليدفع الشيطان عن نفسه ما استطاع ويجدد النية لذلك ولقد روي عن بعض المتقدمين أنه قال طلبنا العلم لغير الله فردنا لله. وقد روي عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ما يؤيد ما ذهب إليه مالك. وقع في جامع المستخرجة

<<  <  ج: ص:  >  >>