للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاءت تركته. والثاني: أنه حق لله تعالى فيلزمها أن لا تبيت إلا فيه، ولها أن تخرج في نهارها فتتصرف في حوائجها، وهو قول مالك وأصحابه. والثالث: أنها ليس لها أن تبيت عنه ولا أن تخرج بالنهار منه، قال ذلك من ذهب إلى أن النفقة لها فرأى أنه لا حاجة بها إلى الخروج، وأن المتوفى عنها زوجها إنما كان لها الخروج بالنهار لتبتغي من فضل الله؛ إذ لا نفقة لها. وهذا كله فيه نظر. والصحيح ما ذهب إليه مالك وأصحابه. وكذلك اختلفوا أيضا في المبتوتة هل عليها إحداد في عدتها أم لا على قولين: أحدهما قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أنه لا حداد عليها وهو الصحيح. والثاني: أن عليها الإحداد قياسا على عدة الوفاة في استبرائها، وفي وجوب المبيت عليهما في بيتهما طول عدتها، وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.

فصل

في بيان الأقراء ما هي

الأقراء هي الأطهار على مذهب أهل الحجاز، وهو مذهب مالك وأصحابه لا خلاف بينهم في ذلك. وذهب أهل العراق إلى أنها الحيض. والدليل على صحة قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أي في مكان يعتددن فيه، كما قرأ ابن عمر فطلقوهن لقبل عدتهن وهي قراءة تساق على طريق التفسير. وبين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ذلك أن يطلقها في طهر لم يمسها فيه. فدل ذلك على أن الطهر الذي يطلقها فيه تعتد به، وأنه من أقرائها. ولو كانت الأقراء الحيض كما قال أهل العراق لكان المطلق في الطهر مطلقا لغير العدة، ومن جهة المعنى أن القرء مأخوذ مع قريت الماء في الحوض أي جمعته فيه. والرحم يجمع الدم في مدة الطهر ثم يمجه في مدة الحيض. وموضع الخلاف إنما هو هل تحل المرأة بدخولها في الدم الثالث أو بانقضاء آخره. فمن قال: إن الأقراء هي الأطهار يقول: إنما تحل بدخولها في الدم، ومن قال: إنها الحيض يقول: إنها لا تحل حتى تتم الحيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>