للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لعارض يعرض فتريد المرأة أن تخلص نفسها من الزوج بسببه فلم يدخل الغرماء معه على ذلك كما لو جنت جناية فيها قصاص فصالحت على نفسها بمال أعطته وعليها دين، فقد قال في كتاب الصلح من المدونة ليس لمن أحاط الدين بماله إذا جنى جناية فيها القصاص أن يصالح فيسقط القصاص عن نفسه بأموال غرمائه. وقد قيل: إن معنى قوله ليس له ذلك ابتداء، فإذا وقع نفذ ومضى.

فعلى هذا التأويل إذا خالعت المديانة نفذ فعلها ومضى. إلا أنه تأويل بعيد، والصواب أنه لا يجوز إلا أن يجيزه الغرماء، وإنما وقع في هذا التأويل من تأوله؛ لأن ظاهره معارض لما وقع في كتاب الرهون من أن المرتهن أحق بما ارتهن في جناية العمد والخطأ من الغرماء. ومعنى ما وقع فيه من ذلك أنه العمد الذي لا قصاص فيه والخطأ الذي لا تحمله العاقلة. فإذا حمل على هذا صحت المسائل وسلمت من التعارض ولم يحتج إلى ذلك التأويل البعيد.

[فصل]

والفرق بين العمد الذي فيه القصاص وبين العمد الذي لا قصاص فيه هو أن العمد الذي لا قصاص فيه دين أوجبه الحق عليه لم يدخله هو على نفسه باختياره، فكان للمجروح مخاصمة الغرماء كسائر الديون. والعمد الذي فيه القصاص ليس بمال، وإنما للمجروح القصاص. فإن بذل له فيه مالا كان قد استهلك أموال غرمائه باستنقاذ نفسه من القصاص، وذلك ما لا يجوز له إلا بإذن غرمائه.

[فصل]

وكذلك اختلف في خلع المريضة والحامل المثقل، قيل: إن خلعها جائز على ورثتها إذا خالعت بخلع مثلها، روى ذلك ابن وهب عن مالك. فعلى هذه الرواية غلب الخلع على حق الورثة. وقيل: إن خلعها لا يجوز من غير تفصيل، وهو ظاهر قول مالك في المدونة وفي كتاب ابن المواز. وقيل: إن ذلك لا يجوز إن كانت خالعت بأكثر من ميراثه منها، ويجوز إن كانت خالعت بمثل ميراثه منها فأقل، وهو قول ابن القاسم. واختلف أيضا متى ينظر فيه إن كان يوم الخلع أو يوم

<<  <  ج: ص:  >  >>