للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمول على الوجوب- إذا دل النظر على تعريته من القرائن التي تخرجه عن الوجوب، والذي يدل على ذلك من مذهبه أنه احتج لوجوب إتمام ما دخل الرجل فيه من القرب بظواهر الأوامر من قَوْله تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣]. وقَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦].

[فصل]

فإذا كان مذهبه أن الأمر محمول على الوجوب إذا تعرى من القرائن، فإنما قال: إن أمر الله تعالى بالإشهاد على البيع ندب وليس بواجب، للأدلة الظاهرة على ذلك، منها قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣] فلما جاز أن يترك الرهن الذي هو بدل الشهادة ويؤتمن صاحبه، جاز ترك الإشهاد، إذ يفرق المخالف بين ترك الإشهاد والرهن الذي هو بدله، بل يقول بوجوب كل واحد منهما، ومنها قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، والبيع عقد من العقود، فأمر الله تعالى بالوفاء به، دليل على جوازه بغير إشهاد؛ لأن الأمر بالوفاء مع الإشهاد لا معنى له؛ لأنه إن جحد لزمه الحق بالشهود، ومن طريق السنة «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ابتاع من أعرابي فرسه ولم يشهد، فلما نازعه الأعرابي وأنكر البيع قال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: من يشهد لي؛ فقال خزيمة بن ثابت أنا أشهد لك، قال وبم تشهد؟ قال: أصدقك في أخبار الآخرة ولا أصدقك في أخبار الدنيا؛ فقضى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لنفسه بشهادته فسمي ذا الشهادتين» ومن الدليل أيضا على ذلك: الإجماع على

<<  <  ج: ص:  >  >>