للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الوجه الثاني: وهو أن لا يقصد بها إلى الالتذاذ ولا يلتذ فتفترق فيه القبلة من المباشرة واللمس. فأما المباشرة واللمس فلا يجب عليه فيهما وضوء إذا لم يلامس اللمس الذي عناه الله تعالى بقوله: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣] ولا وجد معناه. وأما القبلة فاختلف فيها على قولين: أحدهما إيجاب الوضوء منها وهي رواية أشهب عن مالك وقول أصبغ ودليل المدونة. وعلة ذلك أن القبلة لا تنفك من اللذة إلا أن تكون صبية صغيرة فيقبلها على سبيل الرحمة أو ذات محرم فيقبلها على سبيل الوداع أو ما أشبه ذلك. والثاني أن لا وضوء منها كالملامسة والمباشرة وهو قول مطرف وابن الماجشون وغيرهما.

وأما الوجه الثالث وهو أن يقصد بها إلى اللذة فلا يلتذ ففي ذلك اختلاف. روى عيسى عن ابن القاسم أن عليه الوضوء، وهو ظاهر ما في المدونة. والعلة في ذلك وقوع الملامسة التي عناها الله تعالى بقوله: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣] وهي الملامسة ابتغاء اللذة على ما بيناه. فإذا ابتغاها بلمسه وجب عليه الوضوء وجدها أو لم يجدها على ظاهر القرآن إذ لم يشترط في الملامسة وجود لذة. واعتل في الرواية بأنه قد وجدها بقلبه حيت وضع يده على امرأته وليس ذلك بعلة صحيحة؛ لأن اللذة إذا لم تكن كائنة عن اللمس وموجودة به فلا معنى للاعتبار بها. وروى أشهب عن مالك أنه لا وضوء عليه. ووجه ذلك أن المعنى في إيجاب الملامسة الوضوء اقتران اللذة بها فإن عدمت لم يجب الوضوء، وهذا الاختلاف فيما عدا القبلة. وأما القبلة فإنها توجب الوضوء إذا قصد بها اللذة وإن لم يلتذ لا أعرف في المذهب نصا خلاف ذلك، ولا يبعد دخول الاختلاف فيه بالمعني.

وأما الوجه الرابع وهو أن لا يقصد بها إلى اللذة فيلتذ فهذا لا اختلاف فيه في المذهب إنه يوجب الوضوء لأنه وجد معنى الملامسة، والأحكام إنما هي للمعاني.

[فصل]

وسواء على مذهب مالك كانت الملامسة على ثوب أو على غير ثوب إلا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>