للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَالدَّارُ اسْمٌ لِمَا أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ مِنْ الْحَائِطِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى بُيُوتٍ وَمَنَازِلَ وَصَحْنٍ غَيْرِ مُسْقَفٍ وَالْعُلْوُ مِنْ أَجْزَائِهِ وَتَوَابِعِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَالْمَنْزِلُ بَيْنَ الدَّارِ وَالْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى بُيُوتٍ وَصَحْنٍ مُسْقَفٍ وَمَطْبَخٍ يَسْكُنُهُ الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ مَعَ ضَرْبِ قُصُورٍ فِيهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إصْطَبْلٌ فَكَانَ لَهُ شَبَهٌ بِهِمَا فَلِشَبَهِهِ بِالدَّارِ يَدْخُلُ تَبَعًا عِنْدَ ذِكْرِ التَّوَابِعِ وَلِشَبَهِهِ بِالْبَيْتِ لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ تَوْفِيرًا عَلَى الشَّبَهَيْنِ حَظَّهُمَا وَذُكِرَ فِي الْكَافِي أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ بِنَاءً عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَفِي عُرْفِنَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ بَاعَ بِاسْمِ الْبَيْتِ أَوْ الْمَنْزِلِ أَوْ الدَّارِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْزِلٍ يُسَمَّى خَانَةً سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: يَتَنَاوَلُ الْعُلْوَ وَالسُّفْلَ وَالْأَحْكَامُ فِي مِثْلِ هَذَا تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ وَفِي كُلِّ عَصْرٍ عُرْفُ أَهْلِهِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْكَنِيفُ؛ لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِمَا أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحَائِطُ وَالْكَنِيفُ مِنْهُ فَيَدْخُلُ بِذِكْرِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ إفْرَادِهِ بِالذِّكْرِ كَالْعُلْوِ وَلَوْ كَانَ خَارِجَ الدَّارِ مَبْنِيًّا عَلَى الظُّلَّةِ يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ الدَّارِ عَادَةً وَيَدْخُلُ بِئْرُ الْمَاءِ وَالْأَشْجَارُ فِي صَحْنِهَا وَالْبُسْتَانُ فِيهَا لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ خَارِجَ الدَّارِ إنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهَا أَوْ مِثْلَهَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ حُدُودِهَا وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ الدَّارِ عُرْفًا فَصَارَ تَبَعًا لَهَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا الظُّلَّةُ إلَّا بِكُلِّ حَقٍّ) أَيْ لَا تَدْخُلُ الظُّلَّةُ فِي بَيْعِ الدَّارِ إذَا قَالَ بِكُلِّ حَقٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا إذَا كَانَ مِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الدَّارِ كَالْعُلُوِّ وَالْكَنِيفِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الْحُدُودِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَوَاءِ الطَّرِيقِ فَصَارَتْ كَالطَّرِيقِ وَلِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلدَّارِ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَرَارَ أَحَدِ طَرَفَيْهَا عَلَيْهَا وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ قَرَارَ طَرَفِهَا الْآخَرِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ فَصَارَتْ تَابِعَةً مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَتَدْخُلُ أَنْ ذُكِرَ الْحُقُوقُ وَنَحْوُهُ وَإِلَّا فَلَا عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ وَالشِّرْبُ إلَّا بِنَحْوِ كُلِّ حَقٍّ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ) أَيْ لَا تَدْخُلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ أَوْ الْمَسْكَنِ إلَّا بِذِكْرِ كُلِّ حَقٍّ أَوْ نَحْوِهِ.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِطَرِيقِ الِاسْتِتْبَاعِ بَلْ لَمَّا مَلَكَ الْمُسْتَعِيرُ الْمَنْفَعَةَ كَانَ لَهُ أَنْ يُمَلِّكَ مَا مَلَكَ وَالْمُكَاتَبُ يَعْقِدُ الْكِتَابَةَ لَمَّا صَارَ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كِتَابَةَ عَبْدِهِ مِنْ اكْتِسَابِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمَنْزِلُ بَيْنَ الدَّارِ وَالْبَيْتِ) مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَهِيَ الدَّوْرَةُ الصَّغِيرَةُ فِيهَا بَيْتَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ يَشْمَلُ عَلَى مَرَافِقِ السُّكْنَى، وَلَكِنَّهُ قَاصِرٌ لَيْسَ فِيهِ مَنْزِلُ الدَّوَابِّ وَلَا مَا يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي عُرْفِنَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ) أَيْ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ فِي عُرْفِنَا الدَّارُ وَالْمَنْزِلُ وَالْبَيْتُ كُلُّهُ وَاحِدٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْكَنِيفُ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَكَمَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ فِي اسْمِ الدَّارِ يَدْخُلُ الْكَنِيفُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهِ اهـ قَالَ الْكَمَالُ: الْكَنِيفُ هُوَ الْمُسْتَرَاحُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ بِئْرُ الْمَاءِ وَالْأَشْجَارُ فِي صَحْنِهَا وَالْبُسْتَانُ فِيهَا لِمَا ذَكَرْنَا) قَالَ قَاضِي خَانْ: وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فِيهَا بُسْتَانٌ دَخَلَ الْبُسْتَانُ فِي الْبَيْعِ صَغِيرًا كَانَ الْبُسْتَانُ أَوْ كَبِيرًا وَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ خَارِجًا مِنْ الدَّارِ لَا يَدْخُلُ الْبُسْتَانُ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَابٌ فِي الدَّارِ كَذَا قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنْ كَانَ الْبُسْتَانُ أَصْغَرَ مِنْ الدَّارِ وَمِفْتَحُهَا إلَى الدَّارِ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ أَكْبَرَ مِنْ الدَّارِ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَالْمَسْأَلَةُ مَرَّتْ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الْخُرُوجِ وَالدُّخُولِ اهـ.

[الظُّلَّةُ هَلْ تدخل فِي بَيْعِ الدَّارِ]

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَا الظُّلَّةُ إلَخْ) وَالظُّلَّةُ هِيَ السَّابَاطُ الَّذِي أَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى الدَّارِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ عَلَى دَارٍ أُخْرَى أَوْ عَلَى الْأُسْطُوَانَاتِ فِي السِّكَّةِ وَمِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَمَالٌ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ مِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ) قَالَ قَاضِي خَانْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ لَا تَدْخُلُ الظُّلَّةُ فِي بَيْعِ الدَّارِ فِي قَوْلِهِمْ إلَّا بِذِكْرِ الظُّلَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الدَّارِ كَالْعُلُوِّ وَالْكَنِيفِ) وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ فَدَخَلَهَا يَحْنَثُ. اهـ. مُحِيطٌ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَرَارَ طَرَفِهَا الْآخَرِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ) إمَّا جِدَارُ الْجَارِ أَوْ أُسْطُوَانَاتٌ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ) قَالَ الْعَيْنِيُّ: وَهُوَ مَوْضِعُ جَرْيِ الْمَاءِ مِنْ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ وَالشِّرْبُ بِكَسْرِ الشِّينِ وَهُوَ النَّصِيبُ مِنْ الْمَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا بِنَحْوِ كُلِّ حَقٍّ إلَخْ) أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا بِذِكْرِ كُلِّ حَقٍّ أَوْ نَحْوِهِ) قَالَ الْكَمَالُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَصْلِ مِنْهُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لَا الِانْتِفَاعُ بِعَيْنِهَا عَيْنًا بَلْ إمَّا لِذَلِكَ أَوْ لِيَتَّجِرَ فِيهَا أَوْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ فَائِدَةٌ لِلْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُ الْجَحْشِ كَمَا وُلِدَ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ فِي الْحَالِ وَكَذَا الْأَرْضُ السَّبْخَةُ وَلَا يَصِحُّ إجَارَةُ ذَلِكَ وَفِي الْكَافِي وَلِهَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ عُلْوًا وَاسْتَثْنَى الطَّرِيقَ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى عُلْوًا وَاسْتَثْنَى الطَّرِيقَ يَصِحُّ اهـ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ يَشْتَرِي الْبَيْتَ فِي الدَّارِ أَوْ الْمَنْزِلَ فِي الدَّارِ أَوْ الْمَسْكَنَ فِي الدَّارِ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ الطَّرِيقُ إلَّا أَنْ يَقُولَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ مَرَافِقِهِ أَوْ يَقُولَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ فَيَكُونُ لَهُ الطَّرِيقُ إلَى هُنَا لَفْظُ أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ خَارِجٌ عَنْ الْمَحْدُودِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ التَّوَابِعِ فَلَا جَرَمَ لَمْ يَدْخُلْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَكَذَلِكَ الشِّرْبُ وَالْمَسِيلُ وَهَذَا بِخِلَافِ إجَارَةِ الْبَيْتِ أَوْ الْمَنْزِلِ أَوْ الْمَسْكَنِ أَوْ الْأَرْضِ حَيْثُ يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ وَالشِّرْبُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِجَارَةِ هُوَ الِانْتِفَاعُ وَلَا انْتِفَاعَ بِدُونِ أَنْ تَدْخُلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَالْبَيْعُ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ تَمَلُّكُ الرَّقَبَةِ لَا الِانْتِفَاعُ بِعَيْنِهَا وَالِانْتِفَاعُ مِنْ ثَمَرَاتِهِ وَلِهَذَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْحَالِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ السَّبْخَةِ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ: وَإِذَا كَانَ طَرِيقُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَوْ مَسِيلُ مَائِهَا فِي دَارٍ أُخْرَى لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، وَلَكِنَّهُ مِنْ حُقُوقِ هَذِهِ الدَّارِ فَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ لِلدَّارِ الْمَبِيعَةِ طَرِيقٌ فِي دَارٍ أُخْرَى فَالْمُشْتَرِي لَا يَسْتَحِقُّ الطَّرِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>