للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْضِ بِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَإِنْ ادَّعَيَا أَنَّهَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُمَا تَوَاضَعَا عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ لَيْسَ لِلْمُقِرِّ أَنْ يُنَازِعَهُ فِي الْيَدِ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَإِقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَقْبُولٌ وَكَذَا لَوْ حَلَفَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَنَكَلَ أَحَدُهُمَا وَلَوْ نَكَلَا جَعَلَ فِي يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَهَا الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا لَمْ يَقْضِ بِالْيَدِ لَهُمَا فِيهَا وَبَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا فِي يَدِهِ قَضَى لَهُ بِالْيَدِ فِيهَا وَيَكُونُ الْآخَرُ خَارِجًا وَكَذَا إنْ لَبَّنَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ فَعَلَ شَيْئًا آخَرَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي يَدِهِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْيَدِ قَضَى بِهَا لَهُمَا فَإِنْ طَلَبَا الْقِسْمَةَ لَا يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ قِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا نُقْسَمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي أَيْدِيهِمْ قَسَّمَهَا بِقَوْلِهِمْ إنَّهَا مِيرَاثٌ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يُقَسِّمُهَا حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَدَتْ مَبِيعَةٌ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بِيعَتْ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَهُوَ ابْنُهُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْبَيْعِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْهُ إذْ هُوَ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِجَوَازِهِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُبَاشِرُ الْبَاطِلَ ظَاهِرًا فَصَارَ فِي دَعْوَاهُ مُنَاقِضًا وَسَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ فَلَا يُقْبَلُ إذْ التَّنَاقُضُ يُبْطِلُ الدَّعْوَى فَصَارَ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ أَبُو الْبَائِعِ أَوْ ادَّعَى هُوَ اعْتَاقَهَا أَوْ تَدْبِيرَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مَبْنَى النَّسَبِ عَلَى الْخَفَاءِ فَيُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ فَتُقْبَلُ دَعْوَتُهُ إذَا تَيَقَّنَ بِالْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ بِالْوِلَادَةِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ فَوْقَهَا وَهَذَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ لَا يَعْلَمُ الْعُلُوقَ بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ أَوْ قَدْ يَظُنُّ أَنَّ الْعُلُوقَ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْهُ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ كَالزَّوْجِ إذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِنَفْيِ النَّسَبِ كَاللِّعَانِ وَكَالْمُخْتَلِعَةِ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ وَكَالْمُكَاتَبِ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ بَيِّنَتَهُمَا تُقْبَلُ مَعَ التَّنَاقُضِ فِي الدَّعْوَى لِلْخَفَاءِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالْمَوْلَى يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ فَيُعْذَرَانِ فِيهِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ بَعْدَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ فِعْلُ نَفْسِهِ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ فَلَا يُعْذَرُ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُتَيَقَّنْ بِكَذِبِهِ فِي الْكَلَامِ الْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِي الثَّانِي فَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ بِالِاحْتِمَالِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ التَّدْبِيرِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِتَيَقُّنِنَا كَذِبَهُ بِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ أَوْ التَّدْبِيرِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبِخِلَافِ دَعْوَى الْبَائِعِ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ دَعْوَاهُ ثُبُوتُ وِلَايَةِ الدَّعْوَةِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يُوجَدْ

وَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى مِنْ الْبَائِعِ اسْتَنَدَتْ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ لِكَوْنِهَا دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ فَيَكُونُ بَاطِلًا وَيُرَدُّ الثَّمَنُ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَنَكَلَ أَحَدُهُمَا) يُقْضَى عَلَيْهِ بِكُلِّهَا لِلْحَالِفِ بَعْضُهَا الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ وَبَعْضُهَا الَّذِي كَانَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِنُكُولِهِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ثَالِثٍ لَمْ تُنْزَعْ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ نُكُولَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي حَقِّ الثَّالِثِ اهـ كَيٌّ (قَوْلُهُ وَبَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ) أَيْ وَتَوَقَّفَ الدَّارُ إلَى أَنْ تَظْهَرَ حَقِيقَةُ الْحَالِ اهـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ) فَكُلُّ شَيْءٍ فِي أَيْدِيهِمَا سِوَى الْعَقَارِ إذَا طَلَبَا الْقِسْمَةَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ مَا ذَكَرَ هَاهُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْعَقَارِ أَيْضًا يُقْسَمُ وَإِنْ لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَجَعَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْعًا لِمَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا فِي الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبَ الْوَرَثَةُ مِنْ الْقَاضِي قِسْمَةَ الْعَقَارِ بَيْنَهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِيرَاثِ وَعِنْدَهُمَا يَقْسِمُ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَاةً بِأَنْ قَالَا اشْتَرَيْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَطَلَبَا الْقِسْمَةَ فَإِنَّهُ يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ عِنْدَ الْكُلِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ لَمْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ لَا يُقْسَمُ فِي الْمِيرَاثِ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ وَهَذَا الْعَقَارُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَوْرُوثًا بَيْنَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَوْرُوثٍ لَا يُقْسَمُ احْتِيَاطًا وَعِنْدَهُمَا يُقْسَمُ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ فَهَاهُنَا أَوْلَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ هَاهُنَا قَوْلُ الْكُلِّ فَلَا يُقْسَمُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ نَوْعَانِ قِسْمَةٌ بِحَقِّ الْمِلْكِ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَقِسْمَةٌ بِحَقِّ الْيَدِ لِأَجَلِ الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ وَالْعَقَارُ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إلَى الْحِفْظِ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لَا يُقَسَّمُ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا شَيْءٌ سِوَى الْعَقَارِ يُقَسَّمُ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ مَا سِوَى الْعَقَارِ يَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ قِيلَ هَذَا) أَيْ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ

[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

(بَابٌ دَعْوَى النَّسَبِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ لَمَّا فَرَغَ عَنْ بَيَانِ دَعْوَى الْمَالِ شَرَعَ فِي بَيَانِ دَعْوَى النَّسَبِ وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِهِ أَهَمُّ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ اهـ ثُمَّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالدَّعْوَةُ إلَى الطَّعَامِ بِفَتْحِ الدَّالِ وَالدَّعْوَةُ فِي النَّسَبِ بِالْكَسْرِ هَذَا أَكْثَرُ كَلَامِ الْعَرَبِ فَأَمَّا عَدِيُّ الرِّبَابِ فَيَفْتَحُونَ فِي النَّسَبِ وَيَكْسِرُونَ فِي الطَّعَامِ كَذَا رَأَيْت فِي أَمَالِي ثَعْلَبٍ وَكَذَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ) لَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ بَدَلَ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَنَاقِضَةً لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا. اهـ. عِمَادِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>