للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الِاسْتِرَاحَةِ، ثُمَّ هُمْ مُخَيَّرُونَ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ إنْ شَاءُوا سَبَّحُوا وَإِنْ شَاءُوا قَرَءُوا الْقُرْآنَ وَإِنْ شَاءُوا صَلُّوا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى وَإِنْ شَاءُوا قَعَدُوا سَاكِتِينَ، وَأَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ أُسْبُوعًا وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يُصَلُّونَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيُوتَرُ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ) عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُوتِرَ بِجَمَاعَةٍ وَقَالَ الْآخَرُونَ أَنْ يُوتِرَ فِي مَنْزِلِهِ مُنْفَرِدًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى الْوِتْرِ بِجَمَاعَةٍ كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى التَّرَاوِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ فَأُقِيمَ يُتِمُّ شَفْعًا) أَيْ لَوْ صَلَّى رَجُلٌ مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَةً بِأَنْ قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ أَيْ دَخَلَ فِيهَا الْإِمَامُ يَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَقْتَدِي) إحْرَازُ الْفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةُ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ يَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهَا بِمَحِلِّ الرَّفْضِ، وَالْقَطْعُ لِلْإِكْمَالِ وَلَوْ أُقِيمَتْ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ ضَمَّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَلَوْ أُقِيمَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

ثُمَّ إذَا جَازَ عِنْدَهُمَا هَلْ يَجُوزُ عَنْ تَسْلِيمَتَيْنِ أَوْ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَكُونَ الشَّفْعُ الْأَوَّلُ كَامِلًا، وَكَمَالُهُ بِالْقَعْدَةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْكَامِلُ لَا يَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَيُوتَرُ بِجَمَاعَةٍ إلَى آخِرِهِ) يُوتَرُ عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُوتِرُ الْإِمَامُ اهـ ع (قَوْلُهُ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ إلَى آخِرِهِ) يَعْنِي عَمَلًا، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي الْوِتْرِ خَارِجَ رَمَضَانَ جَائِزٌ وَفِي الْحَوَاشِي قَالَ وَيَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُوتِرَ بِجَمَاعَةٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ مِنْ وَجْهٍ، وَالْجَمَاعَةُ فِي النَّفْلِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ مَكْرُوهَةٌ فَالِاحْتِيَاطُ تَرْكُهَا فِيهِ وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ صَلَّاهَا بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَهُ ذَلِكَ وَعَدَمُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَيْسَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى وَقْتٍ يَتَعَذَّرُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَإِنْ صَحَّ هَذَا قَدَحَ فِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ. اهـ. فَتْحٌ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَأَمَّا فِي رَمَضَانَ فَأَدَاؤُهَا فِي جَمَاعَةٍ أَفْضَلُ مِنْ أَدَائِهَا فِي مَنْزِلِهِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْوِتْرِ وَذَكَرَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْفَرِيضَةِ وَالْوِتْرِ وَكَانَ أُبَيٍّ يَؤُمُّهُمْ فِي التَّرَاوِيحِ اهـ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَفْلٌ أَيْ الْوِتْرُ اهـ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ مَكْرُوهَةٌ وَفِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ وَصَلَاةُ النَّفْلِ بِالْجَمَاعَةِ مَكْرُوهٌ مَا خَلَا قِيَامَ رَمَضَانَ وَصَلَاةَ الْكُسُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا الصَّحَابَةُ. اهـ. .

[بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ]

(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَنْوَاعِ الصَّلَاةِ فَرْضَهَا وَوَاجِبَهَا وَنَفْلَهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ الْأَدَاءِ الْكَامِلِ اهـ وَحَقِيقَةُ هَذَا الْبَابِ مَسَائِلُ شَتَّى تَتَعَلَّقُ بِالْفَرَائِضِ فِي الْأَدَاءِ. اهـ. فَتْحٌ قَوْلُهُ فِي بَيَانِ الْأَدَاءِ الْكَامِلِ أَيْ وَهُوَ الْأَدَاءُ بِالْجَمَاعَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِالْإِقَامَةِ شُرُوعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ لَا إقَامَةَ الْمُؤَذِّنِ فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَالرَّجُلُ لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ رَكْعَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا. اهـ. (قَوْلُهُ صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ إذَا بَطَلَتْ صِفَةُ الْفَرْضِيَّةِ بَطَلَ أَصْلُ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَكُنْ الْمُؤَدَّى مَصُونًا عَنْ الْبُطْلَانِ عِنْدَهُ قِيلَ فِي جَوَابِهِ لَيْسَ هَذَا مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ إنَّمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إخْرَاجِ نَفْسِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالْمُضِيِّ فِيهَا كَمَا إذَا قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ وَهُوَ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّابِعَةِ وَهَا هُنَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إخْرَاجِ نَفْسِهِ بِالْمُضِيِّ فِيهَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إبْطَالَ صِفَةِ الْفَرْضِيَّةِ لِإِحْرَازِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِإِطْلَاقٍ مِنْ الشَّرْعِ وَإِبْطَالَ صِفَتِهَا هُنَاكَ لَيْسَ بِإِطْلَاقٍ مِنْ جِهَتِهِ فَجَازَ أَنْ يَنْتَفِلَ نَفْلًا هَاهُنَا وَصَارَ كَالْمُكَفِّرِ بِالصَّوْمِ إذَا أَيْسَرَ فِي خِلَالِ الصَّوْمِ حَيْثُ يُبْطِلُ جِهَةَ كَوْنِهِ كَفَّارَةً لَا أَصْلَ الصَّوْمِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ أَيْ وَلِلنَّهْيِ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ إلَى آخِرِهِ) احْتِرَازًا عَمَّا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيِّ وَبَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْطَعُ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ. اهـ. كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بِمَحِلِّ الرَّفْضِ وَالْقَطْعِ لِلْإِكْمَالِ) أَيْ يَعْنِي هُوَ تَفْوِيتُ وَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ لِتَحْصِيلِهِ بِوَجْهٍ أَكْمَلَ فَصَارَ كَهَدْمِ الْمَسْجِدِ لِتَجْدِيدِهِ، وَإِذَا كَانَ الْقَطْعُ، ثُمَّ الْإِعَادَةُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ إحْسَانٍ جَائِزًا لِحُطَامِ الدُّنْيَا إذَا فَارَ قَدْرُهَا وَالْمُسَافِرُ إذَا نَدَّتْ دَابَّتُهُ أَوْ خَافَ فَوْتَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ فَجَوَازُهُ لِتَحْصِيلِ نَفْسِهِ عَلَى وَجْهٍ أَكْمَلَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ. . اهـ. فَتْحٌ. وَلِهَذَا لَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ وَسَجَدَ الْإِمَامُ لِلسَّهْوِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَ إمَامَهُ وَيَرْفُضَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَلَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ بَعْدَمَا قَيَّدَ بِالسَّجْدَةِ لَا يُتَابَعُ إمَامُهُ حَتَّى لَوْ تَابَعَهُ وَسَجَدَ مَعَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ لَهُ أَنْ يَرْفُضَ الْقِيَامَ وَيَعُودَ إلَى الْقُعُودِ وَيُسَلِّمَ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي لَا يَحْنَثُ بِمَا دُونَ الرَّكْعَةِ فَعَلِمَ أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ لَهُ وِلَايَةَ الرَّفْضِ قَبْلَ التَّقْيِيدِ بِالسَّجْدَةِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ وَقَعَ قُرْبَةً فَوَجَبَ صِيَانَتُهُ مَا أَمْكَنَ بِالنَّصِّ وَاسْتِئْنَافُ الْفَرْضِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>