للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْفَوَاتِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِفَوْتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَلْيُحْلِلْ بِعُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ بِلَا دَمٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ فَاتَهُ عَرَفَةُ بِلَيْلٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلْيَتَحَلَّلْ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ جَابِرٌ: «لَا يَفُوتُ الْحَجُّ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ، قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ فَقُلْت لَهُ أَقَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ نَعَمْ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ مَعَ الْقَضَاءِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ عِنْدَنَا بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ عَنْ الْأَسْوَدِ أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ وَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَحِلَّ بِعُمْرَةٍ قَالَ: وَعَلَيْك الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ هَدْيًا، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ لَهُ وَلِأَنَّ التَّحَلُّلَ وَقَعَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، وَالدَّمُ بَدَلٌ عَنْهَا فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَتَجِبُ الْعُمْرَةُ حَتْمًا؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مَتَى انْعَقَدَ صَحِيحًا لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عَنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ الْأَفْعَالِ، وَإِنْ فَسَدَ فِيمَا بَعْدَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ؛ وَلِهَذَا فِي الْإِحْرَامِ الْمُبْهَمِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ: أَصْلُ إحْرَامِهِ بَاقٍ، وَيَتَحَلَّلُ عَنْهُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَصِيرُ إحْرَامُهُ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهَا بِإِحْرَامِ غَيْرِهَا غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فَتَعَيَّنَ قَلْبُ الْإِحْرَامِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ إحْرَامِهِ لِلْعُمْرَةِ إلَّا بِفَسْخِ إحْرَامِ الْحَجِّ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ ثُمَّ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حِينَ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ؛ لِأَنَّهُ عُمْرَةٌ فِعْلًا، وَإِنْ كَانَ فَائِتُ الْحَجِّ قَارِنًا طَافَ طَوَافَيْنِ، وَسَعَى سَعْيَيْنِ إنْ فَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْعُمْرَةَ، فَالْأَوْلَى مِنْهُمَا هِيَ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا، وَالثَّانِيَةُ: يَخْرُجُ بِهَا عَنْ إحْرَامِ الْحَجِّ، وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ فِي الطَّوَافِ الثَّانِي قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا فَوْتَ لِعُمْرَةٍ)؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ، وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَهِيَ طَوَافٌ وَسَعْيٌ) عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَرُكْنُهَا الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَاجِبٌ، وَالْإِحْرَامُ شَرْطٌ كَمَا فِي الْحَجِّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتَصِحُّ فِي السَّنَةِ) لِمَا ذَكَرْنَا قَالَ (وَتُكْرَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا تَعْتَمِرْ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَاعْتَمِرْ فِيمَا قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَعَنْ عَائِشَةَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَلْيُحْلِلْ بِعُمْرَةٍ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى وَيَتَحَلَّلَ بِالْحَلْقِ. اهـ. قره حصاري شَرْحِ كَنْزٍ (فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الْغَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ الْمَالِكِيَّةِ مَا نَصُّهُ الْعُمْرَةُ لُغَةً الزِّيَارَةُ يُقَالُ اعْتَمَرَ فُلَانٌ فُلَانًا إذَا زَارَهُ، وَفِي الشَّرِيعَةِ زِيَارَةُ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ قِيلَ سُمِّيَتْ عُمْرَةً؛ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِي الْعُمْرِ كُلِّهِ وَقِيلَ: لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِي الْمَوْضِعِ الْعَامِرِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلْيَتَحَلَّلْ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ إلَخْ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ خُصُوصِ هَذَا الْمَتْنِ الِاسْتِدْلَال عَلَى نَفْيِ لُزُومِ الدَّمِ فَإِنَّ مَا سِوَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُعْلَمُ فِيهَا خِلَافٌ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْفَوَاتِ فَكَانَ الْمَذْكُورُ جَمِيعَ مَا لَهُ مِنْ الْحُكْمِ، وَإِلَّا نَافَى الْحِكْمَةَ، وَلَيْسَ مِنْ الْمَذْكُورِ لُزُومُ الدَّمِ فَلَوْ كَانَ مِنْ حُكْمِهِ لَذَكَرَهُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَيْ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ التَّحَلُّلَ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّ لُزُومَ الدَّمِ عَنْ الْمُحْصَرِ لِكَوْنِهِ تَعَجَّلَ الْإِحْلَالَ قَبْلَ الْأَعْمَالِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ لَا مَا يَتَخَايَلُ مِنْ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ لِيُقَالَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى الْمُحْصَرِ عُمْرَةٌ فِي قَضَاءِ الْحَجَّةِ حِينَئِذٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مَتَى انْعَقَدَ صَحِيحًا إلَخْ) وَفِي الْمُحِيطِ الْعُمْرَةُ مِنْ الْحَجِّ بِمَنْزِلَةِ التَّطَوُّعِ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ وَلَوْ خَرَجَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ وَهُوَ فِيهَا يَتَحَلَّلُ مِنْ تَحْرِيمِهَا بِالتَّطَوُّعِ فَكَذَا هَذَا. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ الْمُرَادُ مِنْ الصَّحِيحِ اللَّازِمُ لِيَخْرُجَ بِهِ الْعَبْدُ، وَالزَّوْجَةُ بِغَيْرِ إذْنٍ لَا مُقَابِلَ مَا فَسَدَ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا فِي الْإِحْرَامِ إلَخْ) هُوَ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي النِّيَّةِ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ ثُمَّ يُلَبِّيَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا شَاءَ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الطَّوَافِ فَإِذَا شَرَعَ قَبْلَ التَّعْيِينِ تَعَيَّنَتْ الْعُمْرَةُ؛ وَلِذَا قُلْنَا: لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ حَتَّى طَافَ أَقَلَّ الْأَشْوَاطِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ رَفَضَهَا، وَلَزِمَ حُكْمُ الرَّفْضِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي إضَافَةِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ جَامِعًا بَيْنَ عُمْرَتَيْنِ. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) أَيْ وَالشَّافِعِيِّ وَآخَرِينَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ) أَيْ وَابْنُ حَنْبَلٍ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ) أَيْ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَكِّيَّ لَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَتَحَلَّلُ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَرَمِ وَلَوْ انْقَلَبَ لَلَزِمَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِيقَاتَ إحْرَامِ الْمَكِّيِّ لِلْعُمْرَةِ الْحِلُّ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ حَتَّى دَخَلَ أَشْهُرَ الْحَجِّ فَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَلَوْ انْقَلَبَ إحْرَامُهُ عُمْرَةً لَصَارَ مُتَمَتِّعًا؛ وَلِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ إحْرَامِ الْحَجِّ يَقْتَضِي بَقَاءَ إحْرَامِهِ؛ إذْ لَوْ زَالَ وَانْفَسَخَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَحَلُّلًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ فَكَيْفَ يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدَ انْفِسَاخِهِ وَانْقِلَابِهِ إحْرَامَ عُمْرَةٍ، وَفِي الْمَبْسُوطِ بَقِيَ أَصْلُ إحْرَامِ الْحَجِّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أُخْرَى يَطُوفُ لِلَّذِي فَاتَهُ وَيَسْعَى، وَيَرْفُضُ الثَّانِيَةَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إحْرَامُهُ بَاقِيًا لَمْ يَكُنْ جَامِعًا بَيْنَ إحْرَامَيْ الْحَجِّ، وَلَمْ يَجِبْ رَفْضُ الثَّانِيَةِ، وَفِي الْمُحِيطِ رَفْضُ الثَّانِيَةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَمْضِي فِي الْحَجَّةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى انْقَلَبَ إحْرَامُهَا إحْرَامَ عُمْرَةٍ فَكَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ أَضَافَ إلَيْهَا حَجَّةً. اهـ. كَاكِيٌّ وَغَايَةٌ قَوْلُهُ: يَتَحَلَّلُ بِهَا أَيْ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ. اهـ.

[الْعُمْرَة حُكْمهَا وَأَرْكَانهَا]

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَتُكْرَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَخْ) هَكَذَا فِي عَامَّةِ كُتُبِ الْأَصْحَابُ، وَفِي الْيَنَابِيعِ يُكْرَهُ فِعْلُهَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَلَمْ يَذْكُرْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَذَكَرَ مَكَانَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ مِنْ الْكَاتِبِ. اهـ. غَايَةٌ فِي الْمُسْتَصْفَى وَالنِّهَايَةِ الشَّاهِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: يُكْرَهُ فِعْلُهَا أَيْ إنْشَاءُ الْإِحْرَامِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَمَّا لَوْ كَانَ قَارِنًا أَوْ فَائِتَ الْحَجِّ يَجُوزُ أَدَاءُ أَفْعَالِهَا بِلَا كَرَاهَةٍ فِيهَا كَمَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ. اهـ. كَاكِيٌّ، وَفِي التُّحْفَةِ وَالْقُنْيَةِ: يُكْرَهُ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ إلَّا إذَا قَصَدَ الْقِرَانَ أَوْ التَّمَتُّعَ بَلْ فِعْلُهَا فِيهَا حِينَئِذٍ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الْآفَاقِيِّ وَفِي الْمَنَافِعِ يُكْرَهُ فِعْلُهَا فِيهَا أَيْ إنْشَاءُ إحْرَامِ فِعْلِهَا وَأَدَائِهَا أَمَّا لَوْ كَانَ قَارِنًا يَجُوزُ فِعْلُهَا قَبْلَ الزَّوَالِ يَوْمَ عَرَفَةَ: وَفَائِتُ الْحَجِّ يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهَا فِي سَائِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَغِلُ فِيهَا بِالرَّمْيِ اهـ غَايَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>