للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السُّقُوطُ عَنْ بُرْءٍ لَا يَبْطُلُ الْمَسْحُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ الْمُبِيحِ لِلْمَسْحِ، ثُمَّ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ يُخَالِفُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْجَبِيرَةَ لَا يُشْتَرَطُ شَدُّهَا عَلَى وُضُوءٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ. ثَانِيهَا: أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ. ثَالِثُهَا أَنَّ الْجَبِيرَةَ إذَا سَقَطَتْ عَنْ غَيْرِ بُرْءٍ لَا يُنْتَقَضُ الْمَسْحُ بِخِلَافِ الْخُفِّ. رَابِعُهَا: إذَا سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا غَسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إذَا كَانَ عَلَى وُضُوءٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الْأُخْرَى. خَامِسُهَا: أَنَّ الْجَبِيرَةَ يَسْتَوِي فِيهَا الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ وَالْأَصْغَرُ بِخِلَافِ الْخُفِّ. سَادِسُهَا: أَنَّ الْجَبِيرَةَ يَجِبُ اسْتِيعَابُهَا فِي الْمَسْحِ فِي رِوَايَةٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى) (النِّيَّةِ فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَالرَّأْسِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَيْسَ بِبَدَلٍ عَنْ الْغَسْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ مَعَ الْقُدْرَةِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ وَصَاحِبُ الْبَدَائِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لِلْعَتَّابِيِّ يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَجَعَلَهُ كَالتَّيَمُّمِ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَلٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ بِالْمَاءِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ كَالْوُضُوءِ؛ وَلِأَنَّهُ بَعْضُ الْوُضُوءِ فَصَارَ كَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالْجَبِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ الْحَيْضِ) الْحَيْضُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ السَّيَلَانِ يُقَالُ حَاضَ السَّيْلُ وَالْوَادِي وَحَاضَتْ الْأَرْنَبُ وَحَاضَتْ الشَّجَرَةُ إذَا سَالَ مِنْهَا الصَّمْغُ الْأَحْمَرُ، وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَقَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ (هُوَ دَمٌ يَنْفُضُهُ رَحِمُ امْرَأَةٍ سَلِيمَةٍ عَنْ دَاءٍ وَصِغَرٍ) وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ رَحِمُ امْرَأَةٍ عَنْ الرُّعَافِ وَالدِّمَاءِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْجِرَاحَاتِ وَدَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَإِنَّهَا دَمُ عِرْقٍ لَا دَمُ رَحِمٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ سَلِيمَةٍ عَنْ دَاءٍ عَنْ دَمِ النِّفَاسِ فَإِنَّ النُّفَسَاءَ فِي حُكْمِ الْمَرِيضَةِ حَتَّى اعْتَبَرَ تَبَرُّعَاتِهَا مِنْ الثُّلُثِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَصِغَرٍ عَنْ دَمٍ تَرَاهُ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ تِسْعَ سِنِينَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي الشَّرْعِ وَفِيهِ نَوْعُ إشْكَالٍ، فَإِنَّ مَا تَرَاهُ الصَّغِيرَةُ اسْتِحَاضَةٌ وَلَيْسَ بِدَمِ رَحِمٍ ظَاهِرًا فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ يَنْفُضُهُ رَحِمُ امْرَأَةٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ وَقِيلَ سَيَلَانُ دَمٍ مِنْ مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي تَصِيرُ الْمَرْأَةُ بَالِغَةً بِابْتِدَائِهِ قَالَهُ الْكَرْخِيُّ، ثُمَّ الدِّمَاءُ ثَلَاثَةٌ حَيْضٌ وَاسْتِحَاضَةٌ وَنِفَاسٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمٌ عَلَى مَا يَأْتِي.

قَالَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

لَمْ يُذْكَرْ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ إذَا بَرِئَ مَوْضِعُ الْجَبَائِرِ وَلَمْ تَسْقُطْ مَا حُكْمُهُ وَفِي شَرْحِ الصِّلَاتِ لَا يَبْطُلُ الْمَسْحُ اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْهَا فَبَدَّلَهَا بِأُخْرَى فَالْأَحْسَنُ إعَادَةُ الْمَسْحِ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ أَجْزَأَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَثْلِيثُ مَسْحِ الْجَبَائِرِ بَلْ يَكْفِي مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. يَحْيَى.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ) سَابِعُهَا إذَا مَسَحَهَا، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهَا أُخْرَى أَوْ عِصَابَةً جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْفَوْقَانِيِّ ثَامِنُهَا مَسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ فِي الرِّجْلَيْنِ، ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ مَسَحَ عَلَيْهِمَا تَاسِعُهَا إذَا دَخَلَ الْمَاءُ تَحْتَ الْجَبَائِرِ أَوْ الْعِصَابَةِ لَا يَبْطُلُ الْمَسْحُ عَاشِرُهَا أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَيُسَنُّ التَّثْلِيثُ عِنْدَ الْبَعْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الرَّأْسِ حَادِيَ عَشَرَهَا إذَا زَالَتْ الْعِصَابَةُ الْفَوْقَانِيَّةُ الَّتِي مَسَحَ عَلَيْهَا وَاسْتَغْنَى عَنْهَا لَا يُعِيدُ الْمَسْحَ عَلَى التَّحْتَانِيَّةِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. ثَانِيَ عَشَرَهَا إذَا كَانَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْيَدِ كَالْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ أَوْ الرِّجْلِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْخُفِّ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ اعْلَمْ أَنَّ الزَّاهِدَيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ عَشْرَ مَسَائِلَ يُخَالِفُ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ فِيهَا الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَكِنَّهُ فَاتَهُ مَسْأَلَتَانِ وَهُمَا الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْمَسَائِلُ اثْنَيْ عَشَرَ وَهَا أَنَا قَدْ سُقْت لَك الْمَسَائِلَ الَّتِي زَادَهَا الزَّاهِدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا يُفْتَقَرُ إلَى النِّيَّةِ فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَالرَّأْسِ) قَالَ الزَّاهِدِيُّ وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِخِلَافِ مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَسْحِ الْجَبَائِرِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) وَجْهُ النَّظَرِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ. اهـ. يَحْيَى.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: كَالْوُضُوءِ) وَالْمَسْحِ عَلَى الرَّأْسِ.

[بَابُ الْحَيْضِ]

(بَابُ الْحَيْضِ) (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: هُوَ دَمٌ) هَذَا التَّعْرِيفُ عَزَاهُ الْكَاكِيُّ إلَى الْفَضْلِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ يَنْفُضُهُ) أَيْ يَسْكُبُهُ وَيَدْفَعُهُ. اهـ. ع قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ وَخُرُوجُهُ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ بَاطِنِ الْفَرْجِ إلَى ظَاهِرِهِ لَا يَثْبُتُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالِاسْتِحَاضَةُ إلَّا بِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ كَذَلِكَ، فَأَمَّا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَإِنَّهُمَا يَثْبُتَانِ إذَا أَحَسَّتْ بِنُزُولِ الدَّمِ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ لَهُمَا أَعْنِي الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَقْتًا مَعْلُومًا فَيَحْصُلُ بِهِمَا الْمَعْرِفَةُ بِالْإِحْسَاسِ وَلَا كَذَلِكَ الِاسْتِحَاضَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا يُعْلَمُ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ لِيُعْلَمَ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إنَّ فُلَانَةَ تَدْعُو بِالْمِصْبَاحِ لَيْلًا فَتَنْتَظِرُ إلَيْهَا قَالَتْ عَائِشَةُ «كُنَّا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا نَتَكَلَّفُ لِذَلِكَ إلَّا بِالْمَسِّ» وَالْمَسُّ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ وَالْفَتْوَى عَلَى الرِّوَايَةِ قَالَهُ فِي الْمَبْسُوطِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: سَلِيمَةٍ) عَنْ دَمِ الْجُرْحِ مِنْ جِرَاحَةٍ أَوْ دُمَّلٍ فِي الرَّحِمِ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ يَنْفُضُهُ رَحِمُ امْرَأَةٍ)؛ لِأَنَّهُ دَمُ عِرْقٍ لَا رَحِمٍ وَأَيْضًا يَتَكَرَّرُ إخْرَاجُ الِاسْتِحَاضَةِ؛ لِأَنَّ السَّلِيمَةَ مِنْ الدَّاءِ تُخْرِجُهُ كَمَا يُخْرِجُهُ الْأَوَّلُ وَتَعْرِيفُهُ بِلَا اسْتِدْرَاكِ وَلَا تَكَرُّرِ دَمٍ مِنْ الرَّحِمِ لَا لِوِلَادَةٍ. اهـ. كَمَالٌ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ) وَهُوَ الْقُبُلُ أَيْ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الْوِلَادَةِ. اهـ. مِسْكِينٌ.

(قَوْلُهُ: فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُمْتَدًّا اهـ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الدِّمَاءُ ثَلَاثَةٌ) قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَقَدْ جَعَلَهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ وَالدَّمُ الضَّائِعُ قَالُوا: وَالدَّمُ الضَّائِعُ مَا تَرَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>