للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْكِنَايَاتِ إلَّا بِنِيَّةٍ أَوْ بِدَلَالَةِ حَالٍ أَرَادَ بِدَلَالَةِ الْحَالِ حَالَ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ أَوْ حَالَةَ الْغَضَبِ وَأَشَارَ بِإِطْلَاقِهِ أَنَّ الْكِنَايَاتِ كُلَّهَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يَقَعُ بِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْأَحْوَالَ ثَلَاثَةٌ حَالَةٌ مُطْلَقَةٌ وَهِيَ حَالَةُ الرِّضَا وَحَالَةُ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَحَالَةُ الْغَضَبِ.

وَالْكِنَايَاتُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ مِنْهَا يَصْلُحُ جَوَابًا وَلَا يَصْلُحُ رَدًّا وَلَا شَتْمًا وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ أَمْرُك بِيَدِك اخْتَارِي وَاعْتَدِّي وَمُرَادِفُهَا وَقِسْمٌ يَصْلُحُ جَوَابًا وَشَتْمًا وَلَا يَصْلُحُ رَدًّا وَهِيَ خَمْسَةُ أَلْفَاظٍ خَلِيَّةٌ بَرِيَّةٌ بَتَّةٌ بَائِنٌ حَرَامٌ وَمُرَادِفُهَا، وَقِسْمٌ يَصْلُحُ جَوَابًا وَرَدًّا وَلَا يَصْلُحُ سَبًّا وَشَتِيمَةً وَهِيَ خَمْسَةُ أَلْفَاظٍ اُخْرُجِي وَاذْهَبِي اُغْرُبِي قُومِي تَقَنَّعِي وَمُرَادِفُهَا فَفِي حَالَةِ الرِّضَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ لِلِاحْتِمَالِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي عَدَمِ النِّيَّةِ وَفِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَهِيَ أَنْ تَسْأَلَهُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَهَا أَوْ يَسْأَلَهُ أَجْنَبِيٌّ يَقَعُ فِي الْقَضَاءِ بِكُلِّ لَفْظٍ لَا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ وَهِيَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَلَا يُصَدَّقُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَيْنِ لَا يَصْلُحَانِ لِلرَّدِّ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ وَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلشَّتْمِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ السَّبَّ غَيْرُ مُنَاسِبٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَتَعَيَّنَ الْجَوَابُ وَلَا يُقَالُ وَجَبَ أَنْ يُصَدَّقَ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَقِيقَةٍ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي الْحَقِيقَةِ لَمَّا أَنَّهُ يَخْطِرُ بِالْبَالِ وَهُنَا لِمَا ذَكَرَ فَقَدْ خَطَرَ بِالْبَالِ فَكُلَّمَا كَانَ أَشَدَّ خَطْرًا بِالْبَالِ كَانَ أَوْلَى

وَلِهَذَا قُلْنَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَقَعُ بِمَا يَقْصِدُ بِهِ الرَّدَّ وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ لِخَطَرَانِهِ بِالْبَالِ وَفِي حَالَةِ الْغَضَبِ لَا يَقَعُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَصْلُحُ لِلسَّبِّ وَالرَّدِّ وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الرَّدَّ وَالشَّتْمَ وَلَا يُنَافِيهِ حَالَةُ الْغَضَبِ وَيَقَعُ بِكُلِّ لَفْظٍ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا بَلْ يَصْلُحُ لِلْجَوَابِ فَقَطْ وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ لِظَاهِرِ حَالِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك وَخَلَّيْتُ سَبِيلَكِ وَفَارَقْتُك أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى السَّبِّ أَيْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك؛ لِأَنَّك أَدْوَنُ مِنْ أَنْ تَمْلِكِي وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك لِشَرِّكِ وَسُوءِ خُلُقِك وَخَلَّيْت سَبِيلَك لِهَوَانِك عَلَيَّ وَفَارَقْتُك اتِّقَاءَ شَرِّك ثُمَّ وُقُوعُ الْبَائِنِ بِمَا سِوَى الثَّلَاثِ الْأَوَّلُ مَذْهَبُنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْكِنَايَاتُ كُلُّهَا رَوَاجِعُ لِكَوْنِهَا كِنَايَاتٍ عَنْ الطَّلَاقِ، وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ الطَّلَاقِ فَيَكُونُ الْوَاقِعُ بِهَا طَلَاقًا حَتَّى يَنْتَقِضَ بِهِ الْعَدَدُ وَهُوَ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ وَلَنَا أَنَّهُ أَتَى بِالْإِبَانَةِ بِلَفْظٍ صَالِحٍ لَهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا وَالْمَحَلُّ قَابِلٌ لَهَا وَالْوِلَايَةُ ثَابِتَةٌ عَلَيْهَا فَوَجَبَ أَنْ يَعْمَلَ وَيَتَعَجَّلَ أَثَرَهَا كَمَا لَوْ كَانَ بِعِوَضٍ أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ

وَهَذَا لِأَنَّ الْإِبَانَةَ تَصَرُّفٌ مَشْرُوعٌ إذْ هِيَ رَفْعُ وَصْلَةِ النِّكَاحِ وَهُوَ مَشْرُوعٌ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ {سَرِّحُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣١] وَبِقَوْلِهِ أَوْ فَارِقُوهُنَّ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إلَى إثْبَاتِ الْبَيْنُونَةِ فِي الْحَالِ كَيْ يَنْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ التَّدَارُكِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِي مُرَاجَعَتِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا دَفْعًا لِلْحَاجَةِ وَكَانَ الْقِيَاسُ فِي الصَّرِيحِ أَنْ يَكُونَ بَائِنًا إلَّا أَنَّ الرَّجْعَةَ فِيهِ ثَبَتَتْ نَصًّا بِخِلَافِهِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ مَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهَا أَبْلَغُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَقْصُودِ وَهِيَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَهِيَ حَالَةُ الرِّضَا) أَيْ حَالَةُ ابْتِدَاءِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ لَيْسَتْ بِحَالَةِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَلَيْسَتْ بِحَالِ الْغَضَبِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

[أَقْسَام الْكِنَايَات]

(قَوْلُهُ وَالْكِنَايَاتُ) أَيْ مُطْلَقُ الْكِنَايَاتِ اهـ. (قَوْلُهُ قِسْمٌ مِنْهَا يَصْلُحُ جَوَابًا) أَيْ لِطَلَبِهَا الطَّلَاقَ أَيْ التَّطْلِيقَ. اهـ. فَتْحٌ. (قَوْلُهُ وَلَا يَصْلُحُ رَدًّا) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَصْلُحُ جَوَابًا لَا رَدًّا وَهُوَ قَوْلُهُ أَنْتِ وَاحِدَةٌ اعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي وَأَمْرُك بِيَدِك وَاخْتَارِي وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ لَا تَصْلُحُ إلَّا لِجَوَابِ سُؤَالِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلرَّدِّ وَالتَّبْعِيدِ وَلَا لِلشَّتْمِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقِسْمٌ يَصْلُحُ جَوَابًا وَشَتْمًا وَلَا يَصْلُحُ رَدًّا) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ تَصْلُحُ جَوَابًا لِسُؤَالِ الطَّلَاقِ عَلَى مَعْنَى أَنْتِ خَلِيَّةٌ؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك، وَكَذَا الْبَاقِي وَيَحْتَمِلُ الشَّتِيمَةَ عَلَى مَعْنَى أَنْتِ خَلِيَّةٌ عَنْ الْخَيْرِ خَلِيعَةُ الْعِذَارِ لَا حَيَاءَ لَكِ بَرِيَّةٌ عَنْ الطَّاعَاتِ وَالْمَحَامِدِ أَوْ عَنْ الْإِسْلَامِ بَائِنٌ بَتَّةً عَنْ كُلِّ رُشَدٍ أَوْ بَائِنٌ عَنْ الدِّينِ بَتَّةً عَنْ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ حَرَامُ الصُّحْبَةِ وَالْعِشْرَةِ وَيُقَالُ حَرَامٌ مَكْرُوهٌ مُسْتَخْبَثٌ قَبِيحٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَقِسْمٌ يَصْلُحُ جَوَابًا وَرَدًّا) أَيْ رَدًّا لِكَلَامِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ اهـ وَمَعْنَى الرَّدِّ فِي هَذِهِ أَيْ اشْتَغِلِي بِالتَّقَنُّعِ الَّذِي هُوَ أَهَمُّ لَك مِنْ الْقِنَاعِ، وَكَذَا أَخَوَاهُ وَيَجُوزُ فِيهِ بِخُصُوصِهِ كَوْنُهُ مِنْ الْقَنَاعَةِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ خَمْسَةُ أَلْفَاظٍ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَهُوَ سَبْعَةُ أَلْفَاظٍ ذَكَرَهَا الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اُخْرُجِي اذْهَبِي قُومِي اُغْرُبِي تَقَنَّعِي اسْتَبْرِئِي تَخَمَّرِي، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ أَبِي نَصْرٍ تَزَوَّجِي أَيْضًا وَهُوَ فِي مَعْنَى ابْتَغِي الْأَزْوَاجَ وَأَلْحَقَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بِهَذَا الْقِسْمِ الْحَقِي بِأَهْلِك حَبْلُك عَلَى غَارِبِك لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كَمَا تَصْلُحُ جَوَابًا لِلطَّلَاقِ أَيْ اُخْرُجِي وَاذْهَبِي؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك تَصْلُحُ لِلرَّدِّ وَتَبْعِيدِ الْمَرْأَةِ عَنْ نَفْسِهِ، وَكَذَا الْأَلْفَاظُ الْبَاقِيَةُ. وَقَوْلُهُ تَزَوَّجِي كَوْنُهُ جَوَابًا ظَاهِرٌ وَكَوْنُهُ رَدًّا لِكَلَامِهَا بِحَسَبِ التَّهْدِيدِ، وَكَذَا لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك. اهـ. (قَوْلُهُ وَمُرَادِفُهَا) أَيْ نَحْوُ تَخَمَّرِي اسْتَبْرِئِي. اهـ. كَافِي. (قَوْلُهُ لِلِاحْتِمَالِ) أَيْ وَعَدَمِ دَلَالَةِ الْحَالِ اهـ أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي عَدَمِ النِّيَّةِ) أَيْ إذَا قَالَ لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّهُ لَا ظَاهِرَ يُكَذِّبُهُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ) فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَقَعُ بِمَا يَقْصِدُ بِهِ الرَّدَّ إلَخْ) وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ الْوَجْهَيْنِ ثَبَتَ الرَّدُّ وَهُوَ الْأَدْنَى لِكَوْنِهِ مُتَيَقَّنًا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْجَوَابُ بِالشَّكِّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ وَيَقَعُ بِكُلِّ لَفْظٍ إلَخْ) قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي إذَا قَالَ لَهَا اعْتَدِّي سُئِلَ عَنْ نِيَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ، وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْت إذَا قَالَ لَمْ أَنْوِ فِيهِ الطَّلَاقَ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنْ نَوَى بِاعْتَدِّي الطَّلَاقَ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ إلَى هُنَا لَفْظُ الْحَاكِمِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>