للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً أَوْ مَرَّةً أَوْ بِمَرَّةٍ أَوْ دَفْعَةً أَوْ بِدَفْعَةٍ أَوْ بِوَاحِدَةٍ أَوْ اخْتِيَارَةً وَاحِدَةً يَقَعُ ثَلَاثًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الْأَخِيرَتَيْنِ بِالْعَطْفِ مِنْ وَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ

وَلَوْ كَانَ التَّخْيِيرُ بِمَالٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَقَعَ الثَّلَاثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَزِمَهَا الْمَالُ كُلُّهُ سَوَاءٌ كَانَ التَّخْيِيرُ بِعَطْفٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَغَا الْوَصْفُ عِنْدَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ الْجَوَابُ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ بِعَطْفٍ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ إلَّا إذَا أَوْقَعَتْ الثَّلَاثَ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ فَلَوْ وَقَعَ كَمَا أَوْقَعَتْهُ لَوَقَعَ بِثُلُثِ الْمَالِ الْمُشْتَرَطِ وَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِالْبَيْنُونَةِ إلَّا بِالْكُلِّ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَطْفٍ تَعَلَّقَتْ الْأَخِيرَةُ بِالْمَالِ كَالشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ ثُمَّ إنْ اخْتَارَتْ الْأَخِيرَةَ وَقَعَ بِالْمَالِ وَإِنْ اخْتَارَتْ غَيْرَهَا وَقَعَ بِغَيْرِ مَالٍ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْت أَوْ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً وَنَحْوَهَا وَقَعَ الثَّلَاثُ إجْمَاعًا وَلَزِمَ الْمَالُ كُلُّهُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْتُ نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ)؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ تَخْيِيرُ الزَّوْجِ دُونَ إيقَاعِهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْجَامِعِ وَالزِّيَادَاتِ وَالْأَوْضَحِ وَشُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَجَوَامِعِ الْفِقْهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا غَلَطٌ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَوْقَعَتْ بِالصَّرِيحِ لَكِنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِإِيقَاعِهَا بَلْ لِتَفْوِيضِ الزَّوْجِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهَا بِالْبَائِنِ فَأَوْقَعَتْ رَجْعِيًّا أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً فِي جَوَابِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَقَعَ مَا أَمَرَ بِهِ الزَّوْجُ دُونَ مَا أَوْقَعَتْهُ هِيَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي يَلِي هَذَا الْفَصْلَ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي فِي جَوَابِ اخْتَارِي؛ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهَا الِاخْتِيَارُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ التَّطْلِيقَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي قُلْنَا التَّطْلِيقُ دَخَلَ فِي ضِمْنِ التَّخْيِيرِ فَقَدْ أَتَتْ بِبَعْضِ مَا فُوِّضَ إلَيْهَا فَصَلَحَ جَوَابًا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً بِخِلَافِ الِاخْتِيَارِ فَإِنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهَا لَا قَصْدًا وَلَا ضِمْنًا، وَكَذَا هُوَ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ إلَّا فِي جَوَابِ التَّخْيِيرِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَمْرُك بِيَدِك فِي تَطْلِيقَةٍ أَوْ اخْتَارِي تَطْلِيقَةً فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا طَلُقَتْ رَجْعِيَّةً)؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ إلَيْهَا الِاخْتِيَارَ لَكِنَّهُ بِتَطْلِيقَةٍ وَهِيَ مُعَقِّبَةٌ لِلرَّجْعَةِ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ أَمْرُك بِيَدِك أَوْ اخْتَارِي يُفِيدُ الْبَيْنُونَةَ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا قُلْنَا لَمَّا قَرَنَهُ بِالصَّرِيحِ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الرَّجْعِيَّ كَمَا لَوْ قَرَنَ الصَّرِيحَ بِالْبَائِنِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ

[فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ]

(فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي ثَلَاثًا فَقَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي بِوَاحِدَةٍ وَقَعْنَ)؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَمْرِ بِالْيَدِ لِكَوْنِهِ جَوَابًا لِلتَّمْلِيكِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا تَمْلِيكٌ وَقَوْلُهَا بِوَاحِدَةٍ أَيْ بِاخْتِيَارَةٍ وَاحِدَةٍ بِطَرِيقِ إقَامَةِ الصِّفَةِ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ وَإِنَّمَا صَحَّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ فَأَيُّهُمَا نَوَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ثَبَتَ الْأَقَلُّ، وَكَذَا إذَا نَوَى ثِنْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَدَدٌ مَحْضٌ وَالْجِنْسُ لَا يَحْتَمِلُهُ وَذِكْرُ النَّفْسِ خَرَجَ مَخْرَجَ الشَّرْطِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا كَمَا لَا يَقَعُ فِي جَوَابِ التَّخْيِيرِ إلَّا بِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ جَعْلَ الْأَمْرِ بِيَدِهَا كَالتَّخْيِيرِ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا إلَّا فِي احْتِمَالِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ فِي التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَكَانَ ضَرُورِيًّا بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَيَمْلِكُ تَمْلِيكَ مَا يَمْلِكُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَفِي طَلَّقْتُ نَفْسِي وَاحِدَةً أَوْ اخْتَرْتُ نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ) يَعْنِي فِي قَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ فِي جَوَابِ قَوْلِ الزَّوْجِ أَمْرُك بِيَدِك بَانَتْ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ طَلَّقْتُ نَفْسِي طَلْقَةً وَاحِدَةً فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ الْمَحْذُوفُ مَصْدَرَ قَوْلِهَا طَلَّقْت لِدَلَالَةِ هَذَا الْفِعْلِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ الْمَحْذُوفُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مَصْدَرَ قَوْلِهَا اخْتَرْت لِمَا قُلْنَا وَلِتَبَادُرِ الْفَهْمِ إلَيْهِ وَذِكْرُ النَّفْسِ فِي قَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي فِي جَوَابِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ شَرْطٌ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك فَقَالَتْ طَلَّقْتُ وَلَمْ تَقُلْ نَفْسِي لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَإِنَّمَا كَانَ بَائِنًا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَفْوِيضُ الزَّوْجِ لَا إيقَاعُهَا فَتَكُونُ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

اخْتَارِي اخْتَارِي اخْتَرْت أَوْ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً إلَخْ وَقَعَ الثَّلَاثُ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ يَقَعُ ثَلَاثًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا) أَيْ، وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْت التَّطْلِيقَةَ الْأُولَى يَقَعُ وَاحِدَةٌ إجْمَاعًا اهـ ع.

(قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي) أَيْ فِي جَوَابِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ. عَيْنِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْجَامِعِ) إذَا أُطْلِقَ الْجَامِعُ يُرَادُ بِهِ الْجَامِعُ الْكَبِيرُ اهـ. (قَوْلُهُ وَشُرُوحُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَجَوَامِعِ الْفِقْهِ) وَعَامَّةِ الْجَوَامِعِ سِوَى جَامِعِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ اهـ كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا غَلَطٌ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ سَهْوٌ وَجْهُ الصَّحِيحِ أَنَّ الْوَاقِعَ بِالتَّخْيِيرِ بَائِنٌ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ تَمْلِيكُ النَّفْسِ مِنْهَا وَلَيْسَ فِي الرَّجْعِيِّ مِلْكُهَا نَفْسَهَا وَإِيقَاعُهَا وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ لَكِنْ إنَّمَا يَثْبُتُ بِهِ الْوُقُوعُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَوَّضَ بِهِ إلَيْهَا وَالصَّرِيحُ لَا يُنَافِي الْبَيْنُونَةَ كَمَا فِي تَسْمِيَةِ الْمَالِ فَيَقَعُ بِهِ مَا مَلَكَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ إلَّا مَا مَلَكَتْ. اهـ. وَقَالَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ مَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ سَهْوٌ وَقَعَ مِنْ الْكَاتِبِ وَالْأَصَحُّ مِنْ الرِّوَايَةِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ لَا تَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. اهـ. كَيْ (فَقَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الِاخْتِيَارِ أَضْعَفُ مِنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الْإِيقَاعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ دُونَ الِاخْتِيَارِ فَالْأَضْعَفُ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَقْوَى وَالْأَقْوَى لَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَضْعَفِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ إلَّا فِي جَوَابِ التَّخْيِيرِ) وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ الِاخْتِيَارِ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ. اهـ. .

(فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>