للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً اسْتِثْنَاءٌ لِلْأَقَلِّ فَيَقَعُ ثِنْتَانِ بِالْإِجْمَاعِ

وَقَوْلُهُ إلَّا ثِنْتَيْنِ اسْتِثْنَاءٌ لِلْأَكْثَرِ فَيَقَعُ وَاحِدَةٌ عَلَى الْخِلَافِ. وَقَوْلُهُ إلَّا ثَلَاثًا اسْتِثْنَاءٌ لِلْكُلِّ فَلَا يَصِحُّ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ بَقَاءِ مَا يَصِيرُ بِهِ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ الثَّنِيَّا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ إنَّمَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ، وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيمَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ أَيْضًا كَالْوَصِيَّةِ وَقَدْ قَالُوا إنَّمَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِأَنْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا نِسَائِي.

وَأَمَّا إذَا كَانَ بِغَيْرِ ذَلِكَ اللَّفْظِ فَصَحِيحٌ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا زَيْنَبَ وَهِنْدَ وَعَمْرَةَ وَبَكْرَةَ، وَلَوْ أَتَى عَلَى الْكُلِّ حَتَّى لَا تَطْلُقَ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ إلَّا ثُلُثَ مَالِي لَا يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ إلَّا أَلْفًا وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفٌ صَحَّ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَامِ لَا مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَامِ الَّذِي يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرًا إلَّا تِسْعًا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا صِحَّةَ لِهَذَا الْكَلَامِ حُكْمًا، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَقَعَ ثَلَاثٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ لِلِاشْتِرَاكِ فَكَأَنَّهُ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا

وَقَالَ زُفَرُ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الِاثْنَيْنِ لَكَانَ صَحِيحًا وَلَوَقَعَتْ الثِّنْتَانِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ زِيَادَةُ الثَّالِثَةِ فَتَبْطُلُ هِيَ وَحْدَهَا فَيَقَعُ مَا قَبْلَهَا وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ تَطْلُقُ ثَلَاثًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَكَلَّمَ بِالْحَاصِلِ بَعْدَ الثَّنِيَّا فَيَكُونُ عِبَارَةً عَنْ تَطْلِيقَتَيْنِ وَنِصْفٍ فَيَصِيرُ ثَلَاثًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقَعُ ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ كَمَا لَا تَتَجَزَّأُ فِي الْإِيقَاعِ لَا تَتَجَزَّأُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا وَاحِدَةً.

(بَابُ الْمَرِيضِ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا وَرِثَتْ وَبَعْدَهَا لَا) أَيْ إذَا مَاتَ بَعْدَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْإِجْمَاعِ) قَالَ الْكَمَالُ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ وَمَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ تَجْوِيزِهِ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى كَوْنِ الْكُلِّ مُخْرَجًا بِغَيْرِ لَفْظِ الصَّدْرِ أَوْ مُسَاوِيهِ كَعَبِيدِي إلَّا مَمَالِيكِي فَيَعْتِقُونَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ وَقَاضِي خَانْ وَزِيَادَاتِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ

وَفِي الْبَقَّالِي لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا هَذِهِ وَلَيْسَ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا لَا تَطْلُقُ. اهـ. وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَإِنَّمَا بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ يَعْنِي الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْكُلِّ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى شَيْءٌ يَكُونُ الْكَلَامُ عِبَارَةً عَنْهُ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْكَلَامِ لَا فِي الْحُكْمِ بَيَانُهُ إذَا قَالَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا عَبِيدِي لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَوْ قَالَ إلَّا هَؤُلَاءِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا نِسَائِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَوْ قَالَ إلَّا هَؤُلَاءِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ شَيْءٍ يَكُونُ الْكَلَامُ عِبَارَةً عَنْهُ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ عَبِيدٌ مُعْتَقُونَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ وَنِسَاءٌ طَوَالِقُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ وَلَا يُتَوَهَّمُ هَذَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. اهـ. وَقَالَ الْأَكْمَلُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا زَيْنَبَ وَعَمْرَةَ وَبَكْرَةَ وَسَلْمَى لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِنْ كَانَ هُوَ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ

وَهَذَا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَصَرُّفٌ لَفْظِيٌّ فَيَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ اللَّفْظُ فَلَمَّا اسْتَثْنَى الْجَزَاءَ مِنْ الْكُلِّ صَحَّ لَفْظًا فَكَذَا فِيمَا بَقِيَ إذْ لَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ يَتْبَعُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ لَمَا صَحَّ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَشَرَةً إلَّا تِسْعَةً لِمَا أَنَّهُ لَا مَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِ شَرْعًا وَهُوَ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ اهـ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ بَقَاءِ مَا يَصِيرُ بِهِ مُتَكَلِّمًا إلَخْ) وَتَرْكِيبُ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يُوضَعْ إلَّا لِلْمُتَكَلِّمِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثَّنِيَّا لَا لِنَفْيِ الْكُلِّ كَمَا يُفِيدُهُ الْبَقَاءُ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لِنَفْيِ الْكُلِّ. اهـ. فَتْحٌ. (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ أَيْضًا) كَالْوَصِيَّةِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِي إلَّا ثُلُثَ مَالِي كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا صِحَّةَ لِهَذَا الْكَلَامِ) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثَةٍ أَنْتُمْ أَحْرَارٌ إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا عَتَقُوا جَمِيعًا وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ، وَذَكَرَ فِي الطَّلَاقِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَتَقَعُ الثَّلَاثَةُ وَيَبْطُلُ اسْتِثْنَاؤُهَا فَعَلَى قِيَاسِ تِلْكَ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَجَبَ أَنْ لَا يَعْتِقَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي، وَيَعْتِقُ الثَّالِثُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ وَوَقَعَ الثَّلَاثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ ثِنْتَانِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ فَكَأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى تَوَقُّفَ صِحَّةِ الْأُولَى إلَى أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ أَوَّلًا وَهُمَا يَرَيَانِ اقْتِصَارَ صِحَّتِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَبُو يُوسُفَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ وَزُفَرُ يَرَيَانِ اقْتِصَارَ صِحَّتِهِ عَلَى الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الصَّدْرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِخْرَاجِ وَلَوْ قَالَ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا ثَلَاثًا بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ تَعَدُّدٍ يَصِحُّ مَعَهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ لَكَانَ صَحِيحًا) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً كَانَ مُسْتَثْنِيًا لِلثِّنْتَيْنِ فَكَانَ صَحِيحًا وَإِنَّمَا بَطَلَ اسْتِثْنَاءُ الثَّالِثَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ وَقَعَتْ الْوَاحِدَةُ) فِي نُسْخَةٍ الثِّنْتَانِ أَيْ مُسْتَثْنَاةً فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ. (قَوْلُهُ فَتَقَعُ الثِّنْتَانِ) أَيْ مُسْتَثْنَاةً فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ. وَقَوْلُهُ فَتَقَعُ الثِّنْتَانِ كَذَا هُوَ فِي نُسَخٍ عَدِيدَةٍ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. .

[بَابُ الْمَرِيضِ]

(بَابُ الْمَرِيضِ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَلَاقِ الصَّحِيحِ بِأَقْسَامِهِ مِنْ التَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ وَالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ كُلًّا وَجُزْءًا شَرَعَ فِي بَيَانِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ إذْ الْمَرَضُ مِنْ الْعَوَارِضِ وَتَصَوُّرُ مَفْهُومِهِ ضَرُورِيٌّ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ فَهْمَ الْمُرَادِ مِنْ لَفْظِ الْمَرَضِ أَجْلَى مِنْ فَهْمِهِ مِنْ قَوْلِنَا مَعْنًى يَزُولُ بِحُلُولِهِ فِي بَدَنِ الْحَيِّ اعْتِدَالُ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ بَلْ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى التَّعْرِيفِ بِالْأَخْفَى فَتْحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>