للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= قال في الاختيارات: وقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢]، يقتضي أن يقبلَ في الشهادةِ على حقوقِ الآدميينَ من رَضُوا شهيداً بينهم، ولا يُنْظَرُ إلى عدالتِه كما يكون مقبولاً عليهم فيما ائتمنُوه عليه. وقوله تعالى في آية الوصيَّةِ والرَجْعةِ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ} [المائدة: ١٠٦]، أي صاحبا عدلٍ. والعَدْلُ في المقالِ هو الصِّدْقُ والبيانُ الذي هو ضِدُّ الكذبِ والكِتْمانِ كما بيَّنَه الله تعالى في قوله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: ١٥٢]. والعَدْلُ في كُلِّ زمانٍ ومكانٍ وطائفةٍ بِحَسَبِها، فيكونُ الشاهدُ في كُلِّ قومٍ من كان ذا عَدْلٍ فيهم، لو كان في غيرِهم لكان عَدْلُه على وجهٍ آخر، وبهذا يمكنُ الحُكْمُ بين الناسِ وإلا فلو اعْتُبِرَ في شُهودِ كلِّ طائفةٍ أن لا يَشْهدَ عليهم إلا من يكونُ قائماً بأداءِ الواجباتِ وتَرْكِ المُحرَّماتِ كما كان الصحابةُ لبَطَلَتِ الشهاداتُ كلُّها.

وقال أبو العباس في موضع آخر: إذا فُسِّرَ الفاسقُ في الشهادةِ بالفاجرِ وبالمُتَّهمِ، فينبغي أن يُفَرَّقَ بين حالِ الضَّرورةِ وعَدَمِها، كما قُلنا في الكُفَّار. وقال أبو العباس في موضع: ويتوجَّه أن تُقبلَ شهادةُ المعروفين بالصِّدْقِ، وإن لم يكونوا مُلْتَزِمينَ للحدودِ عند الضَّرُورةِ مثل الجَيْشِ وحَوادثِ البدو وأهلِ القَرْيةِ الذين لا يُوجَدُ فيهم عَدْلٌ، انتهى.

وقال أيضاً: ويُقْبَلُ في التَّرْجمةِ والجَرحِ والتَّعديلِ والتَّعريفِ والرِّسالةِ قولُ عَدْلٍ واحدٍ، وهو روايةٌ عن أحمد، ويُقْبَلُ الجَرْحُ والتَّعديلُ باستفاضةٍ.

قال في المقنع: وإن ادَّعَى على غائبٍ أو مُستَتِرٍ في البلدِ أو ميِّتٍ أو صَبيٍّ أو مجنونٍ وله بيِّنَةٌ، سَمِعَها الحاكمُ وحَكَمَ بها، وهل يَحْلِفُ المُدَّعِي أنه لم يَبْرَأْ إليه منه =

<<  <   >  >>