للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: قال تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم} , يدل على أن الرسول مبين للقرآن بالسنة, فلو نسخت به لم يكن بيانًا له, لأن النسخ رفع المنسوخ بالناسخ وليس بيانًا للناسخ بالمنسوخ, والمرفوع لا يكون بيانًا لرافعه.

الجواب: أن المعني بالبيان في الآية تبليغه إليهم لأنه أظهر, تفاديًا عن الإجمال والتخصيص؛ لأن الإبلاغ عام فيه, بخلاف البيان لاختصاصه ببعضه كالعام والمجمل والمطلق والمنسوخ.

سلمنا أن المراد تبيين المجمل والعام والمطلق والمنسوخ, ولا نسلم أن النسخ ليس ببيان, بل هو مع كونه رافعًا للسنة بيان لها, ولا يمنع كونها مبينة له أن تكون مرفوعة به, فإن القرآن بيان لقوله تعالى: {تبيانًا لكل شيء} , مع أنه ينسخ بالقرآن, مع أن الآية إنما دلت على أنه المبيّن, فيبين تارة بالكتاب, وتارة بالسنة, فيرجع قوله: (النسخ أيضًا بيان) إلى المعارضة؛ لأن معنى «أيضًا» في قوله: فالنسخ أيضًا بيان, أنه لا تختص السنة بذلك, فلو صح ما ذكرتم لزم ألا ينسخ بعض القرآن بعضًا.

سلمنا أنه ليس ببيان, فمن أين ثبت نفي نسخ السنة بالقرآن؟ والآية لا تدل على أن كل سنة بيان للقرآن, غايته أنها تدل على أن القرآن لا ينسخ من السنة ما كان منها بيانًا له, فالسنة مبينة لغير ما هو ناسخ لها, والناسخ لها مبين لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>