للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاختصاص كل من المختلفات بعلة تقتضي حكم المخالف الآخر، فإن العلل المختلفة لا يمتنع أن توجب في المحال المختلفة حكما واحدا.

قالوا رابعا: القياس يفضي إلى الاختلاف، وكل ما يفضي إلى الاختلاف مردود.

أما الأولى: فالاختلاف الأنظار والقرائح، فيلحق أحدهما الفرع بأصل، ويلحقه الآخر بأصل آخر.

وأما الثانية: فلقوله تعالى: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}، سيقت للمدح بعدم الاختلاف الموجب للرد، دل على أن ما هو من عند الله لا يوجد فيه اختلاف كثير، فما يوجد فيه اختلاف كثير لا يكون من عند الله، وحكم القياس فيه اختلاف كثير فلا يكون من عند الله، وكل حكم لا يكون من عند الله مردود إجماعا.

الجواب: أنه منقوض بالعمل بالظواهر، فإنه يفضي إلى الاختلاف، وبأن الاختلاف/ المنفي في الآية إنما هو التناقض والاضطراب في النظم المخل بالبلاغة التي وقع بها التحدي، وأما الأحكام فمقطوع بالاختلاف فيها.

قالوا خامسا: لو جاز الاجتهاد بالقياس، فإما أن يكون كل مجتهد مصيبا، وإما أن يكون المصيب واحدا.

فإن كان الأول، لزم أن يكون الشيء ونقيضه حقا، ضرورة وقوع التناقض في الآراء، كالقول بالحل والقول بالحرمة، واللازم باطل.

وإن كان الثاني، فتصويب أحد الظنين مع استوائهما تحكم محض.

<<  <  ج: ص:  >  >>