للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإباحة إلا ويتحقق بمباشرة ترك حرام ما, وكل ما هو ترك حرام واجبًا إجماعًا, فالمباح واجب, وهنا تم دليله.

وقوله: «وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب» جواب عن سؤال مقدر وهو: أنه ليس ترك الحرام نفس فعل المباح, إايته أنه يحصل بفعل المباح.

وأجاب: بأنه لا يضر, فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب, وألزم أن الدليل والدعوى في مصادمة الإجماع فلا تسمع؛ لأن الاجماع على أن فعل المكلف ينقسم إلى مباح وواجب, ولا شيء من المباح بواجب, واعتذر عن الإجماع بأن ما ذكرنا من الدليل قطعي, فيجب تأويل الإجماع بذات الفعل, فيخص الإجماع بذلك جمعًا بين الأدلة؛ إذ الإجماع على انقسام الفعل إلى الأحكام الخمسة بالنظر إلى ذاته لا بالنظر إلى ما يستلزمه من ترك الحرام, فيكون بحسب ذاته مباحًا, وبحسب ما يستلزمه واجبًا, والتخيير باعتبار الذات لا ينافي الترجيح باعتبار, فلا خرق للإجماع.

وأجيب بجوابين غير مرضيين عند المصنف:

الأول: لا نسلم أن فعل المباح لا يتم ترك الحرام إلا به, وسند المنع أنه غير متعين لذلك, لإمكان ترك الحرام بفعل غير المباح من واجب أو مندوب, فلا يكون المباح واجبًا عينًا, وضعّفه بأن فيه تسليم أن الواجب أحدهما لا بعينه, فما فعل فهو واجب قطعًا, غاية ما في الباب أنه واجب مخير لا معين, وهو لم يدع إلا أصل الوجوب.

لا يقال: قوله: «فما فعله فهو واجب قطعا» إن أراد أنه واجب بخصوصه فممنوع, وإن أراد أنه واجب لاشتماله على الواجب الذي هو

<<  <  ج: ص:  >  >>