للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والهبة وغير ذلك, وأسباب الضمان كالإتلاف والغصب, وأسباب العقوبات وهي الجناية, فإنها سبب في القصاص أو الدية, بهذا صرح في المنتهى, فليس الملك والضمان والعقوبة أسبابًا, وإن صح في الأولين فهو ممتنع في الثالث؛ لأن العقوبات ليست سببًا للقصاص, بل الجناية هي السبب.

لا يقال: لو كانت السببية حكمًا شرعيًا لاستدعت سببًا آخر يعرفها ويلزم الدور أو التسلسل, وأيضًا: الوصف المعرف للحكم, إن عرّفه بنفسه, لزم كونه معرفًا قبل ورود الشرع, وإن عرّفه بصفة زائدة, فالكلام فيها كما في الأول, ويعود الكلام فيدور أو يتسلسل.

وأيضًا: الطريق إلى معرفة كون الوصف سببًا للحكم, ما يستلزمه من الحكمة المستدعية للحكم من جلب مصلحة أو دفع مفسدة وذلك ممتنع؛ لأنه لو كانت الحكمة معرفة للسببية لأمكن تعريف الحكم بها من غير حاجة إلى توسيط الوصف, وليس كذلك إجماعًا, ولكانت معرفة لها قبل ورود الشرع إن كانت الحكمة قديمة, وتحتاج إلى معرف آخر إن كانت حادثة لخفائها, ويعود الكلام ويتسلسل؛ لأنا نقول: معرفة السببية مستندة إلى الخطاب, أو إلى الحكمة الملازمة للوصف, مع اقتران الحكم بها في صورة, فلا يستدعي سببًا آخر يعرفها, ومنه يعلم جواب الثاني.

وجواب الثالث: أن الحكمة المعرفة للسببية ليست مطلق الحكمة, بل الحكمة المضبوطة بالوصف المقترن بالحكم, فلا تكون بمجردها معرفة للحكم؛ لأنها إذا كانت خفية غير منضبطة بنفسها ولا بلزومها الذي هو

<<  <  ج: ص:  >  >>