للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنا نقول: ما كلف به إن كان مما يجوز أن يعلم قبل الإتيان به, كان العلم به شرطا في الامتثال وإلا فلا, والحاصل أن العلم بالمكلف به شرط في التكليف به, إذا لم يكن العلم به منافيًا للتكليف به كما في المعرفة.

واعلم أن هذا الدليل لا ينهض إلا على منع التكليف بالمحال, ولهذا قيل: هذه المسألأة من تفاريع التكليف بالمحال.

الثاني: لو صح تكليف من لا فهم له, لصح تكليف البهيمة, أما الملازمة: فلأنه لا مانع في البهيمة إلا عدم الفهم, وليس بمانع لتحققه في صورة النزاع, وفيه نظر؛ لجواز أن تكون الإنسانية التي بها يتهيأ الصبي والمجنون لفهم الخطاب إذا بلغ الصبي وأفاق المجنون شرط في التكليف.

احتج الآخرون بوجهين:

الأول: لو لم يصح لم يقع, أما الملازمة: فواضحة, وأما بطلان التالي: فلأن السكران لا فهم له, وقد اعتبر طلاقه, وقتله, وإتلافه.

أجاب: بأن ذلك ليس من باب التكليف, بل من قبيل ربط الأحكام بالأسباب وهو من خطاب الوضع والإخبار, يجعل تلفظه بالطلاق علامة على نفوذه عند من يراه, كما جعل زوال الشمس علامة على دخول وقت الصلاة, كقتل الطفل وإتلافه, فإن وجوب الضمان ليس مما يتعلق بفعل الصبي بل بماله وذمته, فإنها أهل لذلك, والإنسانية المتهيأ بها لقبول فهم الخطاب عند البلوغ بخلاف البهيمة, كما أن وجوب الدية على العاقلة ليس من باب التكليف, إذ ليسوا مكلفين بفعل الغير لاستحالته, بل فعل الغير

<<  <  ج: ص:  >  >>