للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستكوا عادة, فتيا كان ذلك أو حكمًا؛ إذ الكلام قبل استقرار المذاهب, فحينئذ يكون كقولهم الظاهر غير القطعي الدلالة, فينتهض دليل السمع فإنه سبيل المؤمنين, وقول كل الأمة ظاهرًا, فإن علم رضاهم بقرائن كان إجماعًا وإلا فهو حجة؛ لأن العمل بالظاهر واجب.

احتج المخالف, وهو القائل ليس إجماعًا ولا حجة.

أما أنه ليس بإجماع؛ فلأن رضاهم لا يعلم إلا بقولهم, فيكون على هذا خلاف في حال, أو يكون عدم الإنكار لكون المجتهد تعارضت عنده الأدلة ويرى التخيير عند تعادلها كما يقول الشافعي وأحمد, فلا يكون إجماعًا تحرم مخالفته؛ إذ لا يلزم حينئذ من العلم برضاهم حرمة المخالفة؛ لأن سكوته لموافقة ما خُير فيه, ويكون على هذا خلاف.

وأما أنه ليس بحجة؛ فلأن من سكت قد يكون لكونه يرى أن كل مجتهد مصيب, وقد يكون لم يجتهد بعد, أو اجتهد فتوقف, أو خالف رأيه رأي المفتي لكنه تروى في إظهار المخالفة لاحتمال رجحان مأخذ مخالفه, أو وقّره فلم يخالفه تعظيما له, أو هابه كما حكي عن ابن عباس في مسألة العول لأنه سكت أولًا ثم أظهر الإنكار, فقيل له في ذلك, فقال: «إنه - يعني عمر - كان رجلًا مهيبًا» , ومع [قيام] هذه الاحتمالات لا يدل السكوت على الموافقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>