للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر, والتهديد دليل الوجوب.

واعترض هذا الدليل من وجهين:

أحدهما: لا نسلم أن مخالفة الأمر ترك المأمور به, بل حمله على غير المراد بأن يكون للوجوب, فيحمل على الندب, وبالعكس.

أجاب: بأنه بعيد؛ إذ المتبادر إلى الفهم من قولهم: «خالف أمر سيده» أنه ترك المأمور به, فلا يصرف عنه إلا لدليل.

الثاني: اعتراضهم بأن {عن أمره} مطلق, فلا يعم كل أمر.

الجواب: أنه مصدر مضاف فيعم, مع أنه رتب الأمر بالحذر على مخالفة [الأمر] , وهو وصف مناسب, فحيث وجدت مخالفة الأمر وجد الأمر بالحذر, فيكون عامًا.

ولنا من جهة العرف: القطع بأن السيد إذا قال لعبده: «خِطْ هذا الثوب» ولو بكناية أو إشارة - فضلًا عن صريح القول - فلم يفعل, عدَّ عاصيًا, ولا معنى للوجوب إلا ذلك.

وقد استدل: بأن الاشتراك خلاف الأصل, فيكون حقيقة في أحد الأربعة فقط مجازًا في الباقي, وليس حقيقة في الإباحة والتهديد؛ لأنه بعيد ولم يقل به أحد, ولاقتضاء الصيغة رجحان الفعل, وليس الندب أيضًا؛ لأنا نفرق بين: «ندبتك إلى أن تسقيني» , وبين: «اسقني» , ولو كان للندب لم يكن فرق, فتعين أنه للوجوب, ثم لا فرق بينهما إلا اللوم على الترك وهو معنى الوجوب, وهذا ضعيف؛ لأنهم يمنعون الفرق, وإن سلّموه فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>