للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خارج عن مدلوله؛ إذ لو كان المرة من مفهومه لكان «افعل» مرات تناقضًا, و «افعل» مرة واحدة تكرارًا, ولو كان التكرار من مفهومه لزم ذلك أيضًا, ولزم ألا يبرأ المأمور بالمرة الواحدة, لكنه يبرأ لغة وعرفًا.

والمرة وإن كانت لازمة الوجود في الخارج, إلا أنها غير لازمة لمدلوله عقلًا؛ لفهمه دونها.

وأيضًا: فإنا قاطعون بأن المرة والتكرار من صفات المصدر كالقليل والكثير؛ لأنك تقول: اضرب ضربًا قليلًا وكثيرًا, ومكررًا وغير مكرر, ومعلوم أن الموصوف بالصفات المتقابلة لا دلالة له على خصوصية شيء منها.

قيل: هذان الدليلان يفيدان عدم الدلالة عليهما بالمادة, فلم لا يدلّ عليهما بالصفة؟ وهو المتنازع فيه, واحتمالها لهما لا يمنع ظهور أحدهما.

ورُدَّ: بأنها لطلب الفعل بإجماع أهل العربية, والأصل عدم دلالته على أمر خارج, ولا يرد, فإن كان من ضرورة وقوع الفعل فلا يلزم أن يكون داخلًا في مدلول الأمر, ولا أن يكون متعينًا, كما لا يتعين إلا له في الضرب, ولا الشخص / المضروب, وإن كان ذلك من ضرورة الأمر بالضرب.

وأيضًا: يجوز ورود الأمر على الفور وعلى التراخي, فصح أن يقال: وجد الأمر في الصورتين؛ لأن لأصل في الإطلاق الحقيقة, ولا مشترك سوى طلب الفعل؛ إذ الأصل عدم غيره, فكان هو مدلول الأمر في الصورتين دون ما به الافتراق من الزمان وغيره, دفعًا لمحذور المجاز والاشتراك.

<<  <  ج: ص:  >  >>