للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتج القائل بأنها للفور: بأن السيد لو قال لعبده: «اسقني» فأخَّر من غير عذر, عُدّ عاصيًا عرفًا, ولولا أنه للفور لما فهم ذلك.

الجواب: أن ذلك إنما فهم بالقرينة؛ لأن العادة أن طلب السقي لا يكون إلا عند الحاجة, والكلام في الصيغة المجردة.

قالوا ثانيًا: كل مخبر أو منشئ مثل: «زيد قائم» , و «أنت طالق» فإنما يقصد الزمان الحاضر, فكذا الأمر بجامع أنهما من أقسام الكلام في الأول, وأن كلا منهما إنشاء في الثاني, وصاحب الإحكام لم يذكر المخبر, وهو أحسن؛ إذ لا نسلم أن كل مخبر قصده الحاضر؛ لأن المخبر يخبر عن الماضي والمستقبل أيضًا.

الجواب: أنه قياس في اللغة وقد أبطلناه, ولو سلم فالفرق أن الأمر فيه دلالة على الاستقبال قطعًا, فلا يمكن صرفه إلى الحال؛ لأن الحاصل لا يطلب, بل إلى الاستقبال المطلق, أو الأقرب إلى الحال, وكلاهما محتمل, فلا يصار إليه إلا بدليل, بخلاف «أنت طالق» فإنه لا يتأخر عن التلفظ به تأخرًا زمانيًا, أو نقول: لا نسلم أن وقوع الطلاق على الفور من حيث اللغة, بل الشارع جعله علامة على الحكم الحالي, فلا يلزم أن يكون الأمر للفور لغة.

قالوا ثالثًا: النهي يقتضي الفور, فكذا الأمر بجامع أن كلا منهما طلب وقالوا رابعًا: الأمر بالشيء نهي عن أضداده, والنهي يقتضي الفور فكذا

<<  <  ج: ص:  >  >>