للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحكام ليس عينه, ولا لازمًا له, ولو قال: «لا تبع, فإن بعت عاقبتك» وترتبت عليه أحكام البيع, لم يكن ظاهرًا في التناقض.

واحتج على الجزء الثبوتي بوجهين:

الأول: أن علماء الأمصار لم يزالوا يستدلون بالنهي على الفساد في أبواب الربا والأنكحة وغيرها من العبادات ولم ينكر, فكان إجماعًا.

وفيه نظر؛ لأنا نمنع أنهم يستدلون بالنهي على الفساد, بل يستدلون به على التحريم.

الثاني: لو لم يفسد المنهي عنه لكان صحيحًا, لكن الصحة والنهي لا يجتمعان؛ لأن الفعل إن تضمن مصلحة خالصة أو راجحة لم ينه عنه, وكذا إن تضمن مصلحة مساوية؛ لأنه ترجيح لأحد المتساويين على الآخر, وإن تضمن مفسدة خالصة أو راجحة امتنعت صحته.

وتنزيله على كلام المصنف: أن أحكام الشرع معللة برعاية مصالح العباد, فيلزم من نفي المنهي / عنه حكمة يدل عليها النهي ومن ثبوته حكمة يدل عليها الصحة, فإن تساوت الحكمتان تساقطتا وكان فعله كلا فعله, فامتنع النهي عنه لخلوه عن الحكمة, وإن كانت حكمة النهي مرجوحة فأولى, وإن كانت راجحة امتنعت الصحة لفوات قدر الرجحان من مصلحة النهي فثبت فساد المنهي عنه وليس من الصيغة لغة, فهو من النهي الشرعي.

قلت: وفيه نظر؛ إما لأن الأحكام المبنية على المصالح أحكام شرعية, والصحة والفاسد عنده أمر عقلي, وإما لأنه يستلزم أن يكون كل منهي عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>