للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: الخطاب الوارد في زمان النبي عليه السلام شفاهًا, نحو: {يأيها الناس} , {يأيها الذين آمنوا} ليس خطابًا لمن بعدهم, وإنما يثبت حكمه لهم بدليل آخر من نص أو إجماع أو قياس, وأما مجرد الصيغة فلا.

وقال الحنابلة, وبعض الحنفية: يعمّ مَنْ بعدهم.

ولا خلاف أنهم غير مخاطبين حالة العدم, وإنما النزاع بعد وجودهم وبلوغهم حدّ التكليف, هل يكونون مكلفين بذلك, أو بدليل منفصل؟ .

احتج الجمهور بوجهين:

الأول: أنا نعلم قطعًا أنه لا يقال للمعدومين: {يأيها الناس} , وإنكاره مكابرة.

وأيضًا: إذا امتنع خطاب الصبي والمجنون لقصورهم عن الخطاب مع وجودهم, فالمعدوم أجدر لأن تناوله أبعد.

وفيهما نظر؛ لأنه إن عنى في الأول أنه لا يتناولهم وحدهم فمسلم وليس محل النزاع, وإن أراد أنه لا يتناولهم وإن كان هناك من يواجه بالخطاب فهو مصادرة.

وفي الثاني: أنهم قالوا: يكون مخاطبًا بعد وجوده وبلوغه حدّ التكليف, وإنما يلزم ما ذكر لو قال: إنه مخاطب حال العدم بذلك, فظهر الفرق؛ لأن الخطاب صادف عاقلًا, ومن حصلت له تلك المرتبة بعدُ يكون مخاطبًا بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>