للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا كذلك في الصبي والمجنون إن لم يصادق الخطاب من هو أهل للخطاب.

احتج الحنابلة بوجهين:

الأول: لو لم يكن الرسول عليه السلام مخاطبًا لمن يوجد بعده, لم يكن مرسلًا إليه, أما بطلان اللازم فبالإجماع, وأما الملازمة؛ فلأنه لا معنى لإرساله إليه إلا أن يقول الله تعالى للنبي: بلغه أحكامي, ولا تبليغ إلا بهذه العمومات التي هي خطاب المشافهة؛ إذ التبليغ لا تجب فيه المشافهة.

نعم الواجب التبليغ في الجملة, وذلك يحصل بأن يحصل للبعض مشافهة وللبعض بنصب الأدلة على أن حكمهم حكم الذين شافههم عليه السلام.

لا يقال: غير الخطاب من الأدلة التي ذكرتم أن حكمهم حكم المشافهين إنما يعلم كونها حجة بالدلائل الخطابية, وإذا كان الخطاب الموجود في زمانه عليه السلام لا يتناولهم, تعذر الاحتجاج عليهم.

لأنا نقول: يعلم ذلك بإجماع الصحابة, أو بالنقل عن النبي عليه السلام أنه حكم بكون ذلك حجة على من بعدهم.

قالوا ثانيًا: لم يزل العلماء يحتجون على أهل الأعصار ممن بعد الصحابة بمثل هذه العمومات الشفاهية, فكان إجماعًا على تناولها لهم, وإلا لما احتجوا بها عليهم.

الجواب: لا نسلم أن الاحتجاج بلفظ الخطاب, بل بمعقول الخطاب؛ لأن المحتجين علموا أن حكم ذلك الخطاب ثابت على من بعدهم بدليل آخر من إجماع, أو قياس.

فإن قيل: سياق ما نقل يدل على أن الاحتجاج كان للفظ دون المعقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>