للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن اختار في تقديره: لا صلاة تثبت بوجه إلا بطهور, فإنها إنما تثبت بهذا الوجه ولا تخلوا عنه, كقولك: «كتبت بالقلم» , فإنه لا يقتضي عِلَّية القلم باستقلاله للكتابة, بل كونه آلة لا تحصل إلا به, فهو صريح بأن الطهور شرط, ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط لزومًا كليًا يحصل بمجرده, بل يحصل بحصوله في الجملة, والأمر كذلك هنا, فاندفع الإشكال في الإثبات, وإنما الإشكال في مثل هذا التركيب في المنفي الأعم الذي يقتضيه الاستثناء المفرغ, وهو ألا تكون الصلاة بلا طهور صلاة, وألا صفة للصلاة من الصفات المعتبرة من استقبال وستر العورة وغيرهما إلا صفة الطهارة, وكذلك في قولنا: «ما زيد إلا عالم» , فإنه يلزم ألا يكون إنسانًا ولا موجودًا إلى غير ذلك, والضمير في مثله / يعود إلى المثال الأخير فقط, إذ عند نفي الحياة, لا يبقى للعلم من الصفات المعتبرة في كونه عالمًا, لانتفاء العلم بانتفاء الحياة.

الجواب بأمرين:

أحدهما: المبالغة في تحقيق العلم لزيد, وكأن قائلًا قال: «ما زيد عالمًا» فقال: «ما زيد إلا عالمًا» , نفيًا لما توهمه المخاطب من نفي العلم, وأهل البيان يجعلونه نفيًا للصفة المناقضة للصفة المستثناة.

والآخر: أن ذلك آكد صفاته فكان سائر الصفات بالنسبة إليه غير معتبر.

واعلم أن هذا الإشكال على الحنفية أيضًا, وقد قيل: إن هذا الاستثناء منقطع, إذ لم يدخل العلم في الحياة, والطهور في الصلاة؛ فلا إخراج حقيقة, قال المصنف: وهو بعيد لأنه مفرغ, وكل استثناء مفرغ متصل,

<<  <  ج: ص:  >  >>