للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال البقيني: ومحل رعاية التدريج في المعصوم، أما غيره كالحربي والمرتد .. فله العدول إلى قتله؛ لعدم حرمته.

ولو صال مكروهاً على إتلافه مال غيره .. لم يجز دفعه، بل يلزم المالك أن يقي روحه بماله؛ كما يناول المضطر طعامه، ولكل منهما دفع المكره، ولا فرق في الدافع بين المصول عليه وغيره؛ كما أفاده قول الناظم: (ادفع) بلفظ الأمر، ودرج همزته للوزن.

ولو سقطت جرة من علو على إنسان، ولم تندفع عنه إلا بكسرها، فكسرها .. ضمنها؛ لأنها لا قصد لها ولا اختيار حتى يحال عليها، فصار كالمضطر إلى طعام الغير يأكله ويضمنه.

[وجوب الدفع عن البضع والنفس المحترمين]

الثانية: يجب الدفع عن البضع المحترم، سوء أكان بضعه، أم بضع أهله، أم أجنبية ولو أمة؛ لأنه لا مجال للإباحة فيه؛ وإنما يجب إذا لم يخف الدافع على نفسه، أو عضوه أو منفعته.

ويجب الدفع أيضاً عن النفس المحترمة إذا قصدها بهيمة؛ لأنها تذبح لاستبقاء الآدمي، فلا وجه للاستسلام لها أو كافر ولو معصوماً، إذ غير المعصوم لا حرمة له، ولمعصوم بطلت عصمته بصياله، ولأن الاستسلام للكافر ذل في الدين، بخلاف ما لو كان الصائل مسلماً ولو مجنوناً .. فلا يجب دفعه، بل يجوز الاستسلام له؛ لحرمة الآدمي، ورضا بالشهادة، ولخبر أبي داوود: «كن خير ابني آدم» يعني: قابيل وهابيل، ولمنع عثمان رضي الله تعالى عنه عبيده من الدفع يوم الدار وقال: (من ألقى سلاحه .. فهو حر) واشتهر ذلك في الصحابة، ولم ينكر عليه أحد.

وقيده الإمام وغيره بمحقون الدم؛ ليخرج غيره كالزاني المحصن وتارك الصلاة؛ وقال الشيخان: والقائلون بجواز الاستسلام، منهم من يزيد عليه ويصفه بالاستحباب، وهو ظاهر الأخبار.

ولا يجب الدفع عن المال الذي لا روح فيه؛ لأنه يجوز إباحته للغير.

<<  <   >  >>